جذب انتباهى هذا العنوان لمقال الدكتورة ليليان جلاس، إخصائية التخاطب الأمريكية، فى كتابها الشهير «هو يقول.. هى تقول»، بالطبع ثقافة الخجل الرجالى من البكاء ثقافة عالمية، لكن البكاء الذكورى فى مصر أكثر استهجاناً واستنكاراً، فالرجل الذى يبكى فى مصر يوصف بأبشع الصفات ويسقط من نظر الكثيرين، فالرجل يظل رجلاً فى نظرنا طالما كبت دموعه وغالب بكاءه، كلما جفّت مشاعره وخاصمت أحداقه رقرقة الدمع الشفافة فهو أكثر رجولة، الجدع هو البارد المتبلد، والباكى رجل (خِرع فافى فرفور طرى)... إلى آخر هذه الصفات المهينة، الدموع ضد الجدعنة والشجاعة والجرأة والجسارة وبالتالى الرجولة!

ظللنا أسرى هذا الوهم الذى جعل الأرامل فى مصر من النساء أضعاف الرجال، فالرجل عيب يعيط، ولذلك فهو ينفجر بدرى ويموت مبكراً!! الرجل يجب ألا تفضحه دموعه فالدموع قلة قيمة، نسمح فقط للدموع بهجر المآقى فى سرادقات العزاء ولا نسمح لها فى الهجر أو الفراق أو تلقى طعنات الغدر أو الرحيل من مكان عزيز أو السفر إلى بلاد العزلة، حتى فى الفرح ممنوعون من أنقى وأجمل الدموع.

تعالوا نقرأ ماذا قالت ليليان جلاس فى ندائها للرجال بألا يخافوا من البكاء: «ليس سراً أن الرجال لا يتحمسون لإبداء مشاعرهم مثلما تفعل النساء، ولقد أكد البحث الذى أجريته منذ عدة سنوات هذا الاستنتاج، وبينت الدراسات أن الرجال يميلون لكشف معلومات شخصية عن أنفسهم بدرجة أقل، خاصة عند شعورهم بالجرح أو الغضب أو الإحباط أو الاحتقان العاطفى. إن الخرافة القائلة بأن الصبيان ينبغى عليهم ألا يبكوا، وأن الرجال لكى يكونوا أقوياء يجب إلا يدمعوا ما هى إلا مجرد وهم وخرافة، إن الرجال بحاجة للبكاء حين يشعرون بالإحباط أو بتدافع مشاعرهم، وذلك لكى ينفسوا عن أنفسهم، ولقد بينت الدراسات أنه حين تذرف الدموع، يفرز الجسم مواد كيميائية من شأنها تقليل التوتر، إن البكاء لا يجعلك تقلل من توترك فحسب، بل يسمح لك بالتعبير عن كل المشاعر المختزنة التى تعيشها فى حياتك اليومية، إننا كبشر نحتاج للتعايش مع مشاعرنا، ولا ينبغى أن نخاف من البكاء حين نشعر بتلك المشاعر، إن هذا الضعف الإنسانى المتمثل فى إخراج مشاعرنا الحقيقية يجعل الشخص منا ذا جاذبية كبيرة فى نظر الجنس الآخر، وهو ما يساعد بدوره على إغلاق فجوة التواصل بين الجنسين».

انتهى الكلام المقتبس من الدكتورة ليليان جلاس عن فجوة التواصل بين الجنسين، ليس البكاء هو الحل الوحيد لأنيميا التواصل، ولكنه طريقة من طرق أن تكون حقيقياً، صادقاً مع نفسك، خالعاً لأقنعتك، لا تمثل مسرحية طوال حياتك، تحاول أن تكون نفسك، كما تريد ذاتك، لا كما يريد لك الآخرون، تحاول أن تترجم مشاعرك الترجمة الصح حتى ولو بالبكاء.