فى إحدى مسرحيات الفنان فؤاد المهندس، أعتقد أنها مسرحية «أنا فين وانتى فين»، كان المشهد خناقة ومواجهة بين السيدة الثرية وشبيه المرحوم الذى جعلته يتقمص دور زوجها كى لا تصدم طفلتها الحساسة، تصاعد الخلاف ولكنهما لا يريدان المواجهة المباشرة والصريحة، كان الحل أن يأتى كلاهما بالخادم سلامة إلياس لاستخدامه كجسر ليقول وجهة النظر عبر شخصه وشتمه بديلاً عن الطرف الآخر، فيقول المهندس: يا صادق أفندى أنت كذا وكذا، فترد عليه شويكار: يا صادق أفندى انت كيت وكيت... إلخ، كان صادق أفندى هو الوسيط عند الغضب المكتوم، وأحياناً عسكرى المراسلة عند المحبة المدفونة، وللأسف كان دور الكنيسة الذى رسمته لها الدولة واستغلته جيداً هو دور صادق أفندى!!.

لكى تستريح الدولة ويتخلص النظام من صداع مشاكل الأقباط أحال الملف الى أمن الدولة والكنيسة، يتعامل الأمن مع مشكلاتهم الأمنية، وتصبح الكنيسة هى القائد السياسى والحزب الشرعى والمحرك والمهدئ والعصا السحرية، أراد النظام من الكنيسة أن تتحول الى مترجم فورى لأوامره وطلباته الى المسيحيين، لن يدق المسيحى باب الحزب أو باب منظمات المجتمع المدنى بل سيدق على باب الكاهن والكنيسة، من كثرة حديث الدولة والنظام الى الكنيسة فقط، فقد النظام القدرة على التحدث الى الأقباط مباشرة وفهم لغتهم ومطالبهم.

اليوم صدم النظام وارتعشت أوصاله واندهش من انتفاضة حجارة أقباط العمرانية نفس دهشة الرئيس أنور السادات يوم انتفاضة يناير ولحظة المنصة، بحثت الدولة عن صادق افندى مترجمها الفورى رجل الكنيسة فوجدته يتصدر المظاهرة، بحثت عن غيره من القساوسة ممن يتصورون أنهم يستطيعون التهدئة، قالوا لهم مظاهرات نجع حمادى خرجت رغماً عنا، نحن فقدنا السيطرة عليهم ولم نعد نستطيع تنويمهم مغناطيسياً كما تتخيلون!، كانت صدمة النظام الكبرى هى فى كسر صورة القبطى «الستيريوتيب» التى استراح اليها وأحبها، القبطى المستكين الخائف الذى يسير بجانب الحائط وأحياناً داخل الحائط، ها هو قبطى آخر يولد من أحشاء العشوائيات محملاً بغضب الاضطهاد الشخصى مضافاً إليه غضب الغلاء والبطالة والفساد الذى يكوى الجميع.

كان النظام يغط فى نوم عميق قرير العين مرتاح البال، فالملف القبطى فى يد الكنيسة ولذلك فلا داعى لقانون دور العبادة الموحد، ولا داعى لقانون الزواج المدنى، فالوضع مستتب، والقبطى لايغضب، والقسيس موجود، والريموت كنترول الأمنى يحرك الجميع، وصادق أفندى مستعد للوساطة وفلترة الحوار وترجمته من اللغة الحكومية السلطوية الى اللغة القبطية الجماهيرية، استيقظ النظام على كارثة، محافظ يتعامل مع بناء كنيسة مثلما يتعامل مع كبسة غرزة، مهندس حى يتربص بقبة وكأنها قبة مفاعل نووى، قبطى غاضب لجأ الى التكسير والتدمير العشوائى والصراخ الهستيرى، كنيسة استعذبت واستلذت بالدور السياسى وأعجبها التكويش على كل السلطات وطلب اللجوء السياسى من شعبها القبطى وبدلاً من ممارسة الطقوس أصدرت الفتاوى الانتخابية والمناشدات السياسية، دولة تختار من جراب القوانين بالمزاج، فتارة تحكم بقانون دينى لدولة دينية، وتارة أخرى تحكم بقانون مدنى، وكأن القانون جاكيت «دبل فيس» يلبس على الوجهين.

كما قال الفنان فؤاد المهندس ياصادق أفندى، قال أيضاً القانون مافيهوش زينب!.