نحن على مشارف الاحتفال باليوم العالمى لمرضى التصلب العصبى المتعدد «MS»، والمرض - لمن لا يعرفه - يهاجم الشباب ما بين العشرين والأربعين من العمر، ويهاجم الجهاز العصبى المركزى ويجعل العصب عارياً من مادة المايلين التى تحميه، والتى تسهم فى توصيل الإشارات العصبية لعضلات الجسم.

المرض يصيب أكثر من 2 مليون شخص حول العالم، وأعراضه الشائعة إعياء وإرهاق شديد من أقل مجهود وأقل تغير فى درجات الحرارة، اختلال وظائف المثانة والأمعاء، رعشة وشلل تشنجى، مشكلات فى النظر، خلل فى التخاطب ولعثمة، صعوبة فى البلع، عجز جنسى، صعوبة فى إنجاز أنشطة اليوم الروتينية مثل الأكل والاستحمام وارتداء الملابس، وبالطبع ينعكس كل هذا على مزاج المريض فيدخل فى اكتئاب شديد.

حتى الآن لا يوجد علاج جذرى لهذا المرض ولكن المجتمعات الآن تحاول أن تركز على تحسين نوعية حياة المريض، خاصة أنه يحتفظ بمهاراته العقلية وقدرته على العمل والحياة ولكن من خلال مساعدات وتسهيلات لابد أن يقدمها المجتمع له، فلابد أن يسمح له المجتمع بالعمل ولا يطرده أو يمنعه مثلما يحدث فى مصر، ولابد أن يعالج فى التأمين الصحى وليس كما يحدث فى بلدنا المحروسة، التى لا يغطى فيها التأمين هؤلاء المرضى، تكفيهم قسوة المرض الذى يضخم من إحساسهم بأنهم عالة وعبء،

يكفيهم إحساسهم بأن عضلاتهم تضمر يوماً بعد يوم، وحوارهم تتضاءل مساحته الحميمة فتضيق دائرة الأصدقاء أو تنعدم، يكفيهم الإعياء الشديد الذى يصيبهم ويداهمهم بعد أربع خطوات فيحسون كأنهم فى ماراثون، يكفيهم تلك الضغوط العنيفة ومرارة انتظار الحل الذى لا يأتى، ولذلك يجب علينا أن نتكاتف لتحسين نوعية حياتهم وعدم طردهم من جنة الحياة.

العصب العارى يُعرّى تقاعسنا عن مساعدة هؤلاء المرضى المنهكين الذين يتآكلون ببطء وينهارون بالتدريج. فى البلاد الغربية المتقدمة، التى نتهمها بتحجر المشاعر، يوفرون للمعاقين ومرضى التصلب المتعدد أتوبيسات خاصة وتجهيزات خاصة فى المبانى للكراسى المتحركة، الأرصفة لا تحتاج لأبطال القفز بالزانة كما يحدث فى مصر، التى يهتم المسؤولون فيها بتعلية الرصيف حتى لا تستطيع «السيارات البيئة» الركن فوقها ولا تقدر على الصعود إلا سيارات الـ«فور باى فور»!!

مكاتبهم هناك بجانب دورات المياه، كل التفاصيل المعمارية هناك تضع نصب أعينها مرضى التصلب المتعدد، هناك أطباء مختصون لهم، رعاية فائقة، علاج طبيعى خاص، هم باختصار يعيشون حياتهم ولكن يد المجتمع الحانية تطبطب عليهم وتساعدهم فى أزمتهم وتنقذهم من مأزق اليأس واللاجدوى.

أرجوكم، لنجعل مرضى التصلب المتعدد مواطنين متساوين معنا فى الحقوق، ولا نضعهم فى طابور انتظار الموت البطىء.