الله سبحانه وتعالى الخالق الوهاب الرزاق الجبار، الذى لا يحتاج إلى نفاق مخلوق أو حماية كائن من كان، كل العالم من شرقه إلى غربه ومن شماله إلى جنوبه فهم هذه الفلسفة وعرف أن الله لا يحتاج إلى حماية من أحد، فهو المغنى المستغنى، لكن مصر هى البلد الوحيد فى العالم، الذى يحس أهله بأن الله مهدد!!، وأن الإيمان به يحتاج إلى حماية!!،

وللأسف، يحاولون الذود عنه وحمايته بالخرافات، فى كل ثانية، يحاول المصرى أن يثبت للدنيا ولنفسه بإلحاح منقطع النظير ما لا يحتاج إلى إثبات ويفسر الماء بعد الجهد بالماء، فهذه البيضة عليها اسم الله، وهذا الطفل كفه مرسوم عليه الله، وهذه البطاطساية محفور عليها لفظ الجلالة، وهذه الطمطماية فى قشرتها البسملة!!،

ما جدوى كل هذا الإلحاح الهستيرى على إثبات الألوهية عن طريق هذه المعجزات الخرافية رغم أن المعجزة بداخلك، فى نبض قلبك وكهرباء مخك وإيقاع نفسك، فلماذا نخترع المعجزات ونحن المعجزة؟!.

الأسبوع الماضى، عاشت مصر هجمة من تلك المعجزات دفعة واحدة وكأننا كنا على موعد مع القدر، هجمة طالت الجميع مسلمين ومسيحيين، المعجزة الأولى فى قرية الغار بجانب مدينة الزقازيق فى ضريح الإمام يحيى، شقيق السيدة نفيسة، قال خادم الضريح إنه بينما كان يصلى، لاحظ أن شخصاً عدل من وضع قدميه،

وكان هذا الشخص هو الإمام يحيى، الذى طالب بالحفر تحت المنزل والبحث عن جثمانه، المهم أن الضريح الذى بنى حول القبر غطيت حوائطه بالرخام، كانت رسومات الرخام العشوائية هى شرارة المعجزة ومكمن الخرافة، فكما وقفنا ونحن أطفال نتخيل السحب أشكالاً حقيقية، وقع الجميع تحت تنويم مغناطيسى جمعى وصدقوا تهويمات خادم الضريح، فهذه صورة سيدنا نوح وهذه صورة سيدنا شعيب وهذه كلمة محمد وهذه مريم والحسين..إلخ، أما آخر الصور، فكانت للشيخ الشعراوى وهو ممسك بالمصحف!!

وبدأ كل بنى آدم يخترع صوراً يتمناها ويتخيلها ولا يهم أن تكون لها أدنى صلة بالواقع، أى خط هو أنف، وأى نقطة هى عين، وأى خربشة هى صورة فوتوغرافية للأنبياء وآل البيت!.

المعجزة الثانية ديك يردد كلمة الله فى عزبة سرير بجانب مدينة المنيا، ومن خداع النظر لخداع السمع وقع المصريون أسرى الخرافة، لدرجة أن أحدهم عرض أن يشترى الديك بخمسين ألف جنيه، رغم أن ذات الشخص لا يمكن أن يتبرع بمليم لبناء مستوصف يعالج الغلابة! مثلما كانت حروف كلمة الله هى أسهل الحروف شبهاً بأى رتوش على بيضة أو بطاطساية، فنتخيلها معجزة، فإن التلفظ بحروف كلمة الله هى أسهل ما ينطق ليشبه الكلمة الأصلية ولا يحتاج لأى جهد ولا ينسب لأى معجزة، وليس الله محتاجاً لديك الحاج حسن عبدالجواد لكى نقتنع بألوهيته!!.

المعجزة الثالثة هى فى إحدى كنائس بورسعيد، حيث يتساقط الزيت المعجزة من لوحة العذراء ليشفى جميع الأمراض، ويكفى أن تدهن المرأة العاقر بطنها بالزيت لكى تنجب، ويكفى أن تتبرك به لتشفى من السرطان، واقتراحى أن نغلق كليات الطب فى مصر ونحولها إلى مجرد مكاتب تأجير سيارات اتجاهها جميعاً لبورسعيد، ونغلق المستشفيات ونجعلها مصانع لتعبئة هذا الزيت المعجزة وتصديره إلى الأمم المتخلفة كأوروبا وأمريكا، التى لا تعرف إلا معجزة واحدة وهى معجزة العلم.

إنقاذ العقل المصرى بات محتاجاً إلى معجزة، فهل نحن مستعدون؟