الصحافة ليست فى حالة عداء دائم وخصام لا ينتهى وعراك علنى مع المسؤول الحكومى، وإنما هى فى حالة نقد مشروع وتساؤل مزمن ورغبة حارقة فى الإصلاح، النقد والسؤال لصالح من يتوجه إليه الطرفان وهو المواطن، قارئاً كان أو محكوماً، انطلاقاً من هذا المفهوم كان من الواجب أن أنشر ملخص مكالمتين هاتفيتين لمسؤولين كنت انتقدت تصريحاً للمسؤول الأول،

وقدمت شكوى مواطنى المحافظة للثانى، المسؤول الأول هو د. مفيد شهاب الذى هاتفنى معلقاً على مقالة «خمسة أسداس الجذر التكعيبى لبرنامج الرئيس»، وكان صدره رحباً ومتسعاً لكل الانتقادات حتى اللاذع منها، والمسؤول الثانى هو د. فتحى البرادعى، محافظ دمياط، الذى ناقشنى فى مقال عن أضرار رش البوليستر على صحة أبناء قرية الشعراء، ولأن الخلاف فى الرأى لا يفسد للود قضية، ولأن من حق المسؤول أن ينشر رده حتى ولو كان تليفونياً، ويعلن وجهة نظره حتى ولو كانت دردشة ودون تعليق من جانبى حتى لا أشوش على رأيه بغض النظر عن اختلافى فى بعض النقاط، فالقلم فى أيدينا يجب ألا يتحول إلى سوط أعمى بل يجب أن يكون صوتاً بصيراً.

قال د. شهاب «إن ما ذكر على لسانه اقتطع من سياقه، فهو عندما قال إن الحكومة حققت خمسة أسداس البرنامج الانتخابى للرئيس كان يقصد به نقاطاً محددة هى القابلة للقياس بالأرقام، وأكد أنه قال قبلها إن هناك من نقاط البرنامج ما لم يتحقق بعد وتأخرت الحكومة فى تنفيذه وتحاول أن تعوض وتسارع فى إيقاع تحقيق هذه النقاط، ومنها ما تحقق كاملاً قبل انتهاء مدة الست سنوات، ومنها ما يتحقق بإيقاع معقول وهو ما قصده بخمسة أسداس البرنامج، فمثلاً ثقافة حقوق الإنسان لا يستطيع

د. شهاب أن يقيسها بالأرقام ولا يستطيع أن يقول إنها قد تحققت بالكامل أو يضع نسبة محددة، ولكن كوتة المرأة على سبيل المثال يستطيع أن يحدد أرقامها، وبالنسبة للبطالة فقد ذكر د. شهاب أن الوعد فى البرنامج الانتخابى كان تشغيل نسبة من العاطلين وليس كل العاطلين كما كتبت أنا فى مقالى».

د. فتحى البرادعى محافظ لا يرضى بالحلول التقليدية ويشهد على ذلك كوبرى دمياط البديع الذى تحول إلى شاهد معمارى وتاريخى رائع، قال لى محافظ دمياط إنه يعترف بأن هناك مشكلة بالنسبة لرش البوليستر ولكنه قطع شوطاً طويلاً فى حل هذه المشكلة وهى إقامة أفران خاصة مجهزة لرش الموبيليا بطريقة صحية آمنة، والمشكلة أن بعض أصحاب الورش لا يقبلون على هذه الأفران لأنهم يريدون الرش بتكلفة أقل، ورغم الحملات المكثفة فهناك من يرش فى منتصف الليل وفى الفجر،

ولا تستطيع الشرطة فقط أن تحل هذه المشكلة لأن جزءاً كبيراً من المشكلة فى سلوك الرافضين لهذه الأفران، ومن واقع إحصائيات مستشفى الصدر قال محافظ دمياط إن هناك مبالغة كبيرة فى الأرقام المذكورة لأبناء قرية الشعراء من مرضى الصدر، هو يعترف بالمشكلة ولكنه طالب بمشاركة المواطنين فى الحل الذى بدأه بإقامة الأفران المجهزة.