صرح د. مفيد شهاب، فى لقائه بمهندسى الإسكندرية المنتمين إلى الحزب الوطنى، بأن الحكومة قد أنجزت خمسة أسداس البرنامج الانتخابى للرئيس مبارك وباقى السدس فقط!، وقد طمأننى هذا التصريح أيما اطمئنان، وأنعش فؤادى أيما إنعاش، وأثلج صدرى أيما تثليج، بالفعل اطمأننت على أن الحكومة الإلكترونية بخير، وأن أداءها الإلكترونى أداء على أعلى مستوى، ففى الزمن الغابر أيام الحكومات غير الإلكترونية، التى كانت تعمل بـ«المانافلة»،

كانت التصريحات لها طعم مغاير وتعبيرات مختلفة، فقد كان الوزير يصرح بأننا أنجزنا معظم البرنامج الانتخابى للرئيس، أو يصرح الرئيس نفسه بأننا حققنا معظم الخطة الخمسية، ولكن أن يخرج علينا وزير مهم كالدكتور مفيد شهاب ليصرح برقم محدد أنجزته الحكومة، فهذا تقدم مذهل فى الأداء الحكومى،

وأنا متوقع أن تستمر هذه السنة المحمودة فيخرج علينا الوزراء، بعد ذلك، بتصريحات أكثر دقة وأعلى شفافية، مثل أن الحكومة قد أنجزت الجذر التكعيبى لـ«ط نق» تربيع من برنامج الرئيس، أو يخرج علينا وزير آخر فيبشرنا وهو يمسك بجدول اللوغاريتمات، الذى كان يوزع علينا فى الثانوية العامة ويقول بكل ثقة ورباطة جأش نحن أفندينا قد حققنا «جتا ظتا أس خمسة» من برنامج الرئيس!،

وأقترح اقتراحاً متواضعاً من الممكن أن يجعل من وطننا المفدى وحكومتنا الإلكترونية نبراساً يقتدى به العالم ومنارة ترشد الدول غير الإلكترونية، الاقتراح بسيط وسهل وهو توزيع كتاب حساب مثلثات وهندسة فراغية وتفاضل وتكامل على كل وزير وهو يؤدى القسم أمام الرئيس، وبعد انتهاء القسم وبدلاً من الأوشحة والأنواط والأوسمة التى توزع على الوزراء دون حساب، أقترح أن يرتدى الوزير مسطرة حرف تى ومنقلة وفرجار على صدره، كعلامة ولوجو ايذاناً بمولد الحكومة الإلكترونية!

تأملت ملياً فى تصريح الدكتور شهاب، الذى أعرف مدى انضباط كلماته المحددة كأستاذ قانون خبير ومتمرس، أعترف بأننى لم أفهم هذه النسبة لا بسطاً ولا مقاماً، كيف توصل الوزير إلى هذه النسبة؟! هل كان عدد الشباب العاطل الذى يعانى من البطالة فى بداية البرنامج الانتخابى ستة ملايين ووصل بفضل الأداء الحكومى المذهل إلى مليون فقط سيتم توظيفه فى العام المقبل؟!

هل حققنا خمسة أسداس الديمقراطية وباقى السدس؟ هل حققنا انخفاضاً للأسعار بمقدار الخمسة أسداس وباقى السدس، هل يعرف الدكتور مفيد أن خمسة أسداس راتب الموظف المصرى يتبخر يوم القبض فى أول الشهر على الجمعيات والأقساط؟!،

هل تدرك الحكومة أن خمسة أسداس الشعب مرضى ما بين فيروس سى نسبته ١٥% وسكر ١٠% وأنيميا ٧٥% وفشل كلوى واكتئاب وقولون عصبى بنسبة لم ترصدها كمبيوترات الحكومة الإلكترونية؟ فهل السدس السليم صحيح البدن الذى سيتحقق العام القادم هو الذى يسكن المنتجعات والكومباوندات؟!

هل سمعت الحكومة عن رقم ضحايا حوادث الطرق الذى تعدى رقم شهداء الحروب التى خاضتها مصر منذ دخول وغزو الهكسوس إلى خروج وجلاء إسرائيل؟ لماذا لم يصرح د. مفيد برقم سكان العشوائيات والمقابر والعشش وهل دخلوا فى حسبة الخمسة أسداس؟!

رحم الله مدرس الرياضيات الذى كان يقول لنا دائماً بقدر ما ساعدتنا الأرقام على مزيد من الدقة، بقدر ما استخدمت فى خداعنا والضحك علينا.