عندما كتبت عن موضوع الفراخ البيضاء وحقن الهرمونات الذى نشرته جريدة «أخبار اليوم» فى تحقيق كتبته الزميلة وفاء الغزالى، حاولت تفنيد الخرافات وتكذيب الأوهام التى روج لها التحقيق الذى قالت فيه الطبيبة مها راداميس، التى لم أتشرف بمعرفتها شخصياً، إن الفراخ البيضاء تسبب العجز الجنسى والسرطان وتكيس المبايض وهو كلام أقل ما يقال عنه إنه يجافى الحقيقة، وتم تكذيب هذا الكلام المرسل بكلام خبراء التغذية وأساتذة الطب البيطرى،

وتفاءلت خيراً عندما قرأت فى «أخبار اليوم»، بعد أسبوع من نشر تحقيق الفراخ البيضاء، تحقيقاً آخر قامت به الزميلة الصحفية نفسها وقالت فى بدايته إن هذا التحقيق رد على الضجة التى أثارها التحقيق الأول، وتوقعت أن تعتذر الصحفية وتعتذر الجريدة عما سببته من مصائب وكوارث بسبب معلوماتها المغلوطة، مصائب للقراء الذين تجرعوا أوهام وأساطير ما كتب عن العجز الجنسى والسرطان وحقن الهرمونات، وكوارث لأصحاب مزارع الدواجن الذين ذاقوا المر لكى تقف هذه الصناعة الوطنية على قدميها وتحملوا الصعاب والروتين وتخبط الحكومة فى تعاملها مع أنفلونزا الطيور،

ولكنى وجدت صمتاً عجيباً مريباً، لم يذكر التحقيق كلمة واحدة عن الفراخ البيضاء وحقن الهرمونات، اختارت «أخبار اليوم» أن تغطى على هذه الجريمة الصحفية بالطناش، بل والأدهى أنها أجرت حديثاً آخر مع الدكتورة مها راداميس، صاحبة فتوى العجز الجنسى الفراخى والسرطان الدجاجى، وكأنها تطبطب وتعتذر لها عما قاله بعض المتهورين أمثالى ممن يجرون وراء كلام العلماء ويضيعون وقتهم فى سؤال ذوى الخبرة.

كيف لـ«أخبار اليوم» أن تعتذر فهذا لا يصح!!، هل تنفع سياسة العناد «واكفى ع الخبر ماجور وإن الله حليم ستار وبلاش ننشر الغسيل بتاعنا؟!!!»، هل ينفع كل هذا الكلام فى مهنة الصحافة التى أساسها الخبر الصحيح وعمادها المعلومة الدقيقة؟، لماذا نتكبر على الحق؟، القارئ هو هدفنا وهو أيضاً سيدنا وتاج راسنا ونحن نعمل عنده، ليس من مهامنا أن نتكبر عليه أو نضلله، الكلام كان مزعجاً لدرجة أن كاتباً كبيراً مثل الأستاذ صبرى غنيم صدقه وطالب فى مقاله بـ«المصرى اليوم» بسرعة اتخاذ اللازم تجاه هذه المأساة!!، نحن لا نطالب بأن تذكروا أسماءنا فنحن متنازلون عن هذا الشرف، ولكننا نطلب فقط ذكر الحقيقة للقراء الذين زيف وعيهم وغسلت أدمغتهم.

بعد كتابة الموضوع وصلنى موضوع سبق نشره منذ شهور للصحفى سيد عبدالعال فى مجلة «الإذاعة والتليفزيون» ناقش فيه فوضى الفتاوى الطبية فى التغذية من غير المتخصصين ومنهم د. مها، ثم وصلتنى بعده من وزارة الصحة رسالة موجهة من د. سعد المغربى، وكيل وزارة الصحة، لوزير الإعلام طالباً فيها منع د. مها راداميس وآخرين عن الحديث فى علم التغذية، لأنه ليس تخصصها، ولدى أيضاً إقرار كتبته د. مها فى وزارة الصحة بخطها فى ٢٩ ديسمبر ٢٠٠٩ تقر فيه بأنها تلتزم بعدم الظهور فى أى قناة فضائية كاستشارية للتغذية العلاجية وتلتزم فقط بتخصصها وهو طب المناطق الحارة!، فكيف تلجأ الصحفية كاتبة التحقيق لها فى المرة الأولى ثم تعود لأخذ رأيها فى التحقيق الثانى برغم هذا الإقرار؟!، هل هو رغبة استسهال أم عربون صداقة؟، فى الحالتين القارئ هو الضحية، والحقيقة هى الذبيحة.