أرسل لى البعض على بريدى الإلكترونى خطبة للداعية سعيد عبدالعظيم يكفر فيها جريدة «المصرى اليوم» وكتابها وبالطبع يضعنى على رأس قائمته مانعاً عنى صكوك الغفران، ومقتطعاً نصيبى ونصيب كتاب «المصرى اليوم» من الجنة التى احتكرها سيادته، تهمة التكفير غير سرية بل علنية ومنشورة على اليوتيوب وعلى موقع «أنا السلفى»،

ويتبادل نشرها كارهو العقل والمنطق والحرية، تهمة التكفير هى تحريض سافر على القتل والتصفية فى مجتمع محتقن تسيطر عليه تيارات ظلامية،

للأسف تزايد عليها السلطة السياسية التى تترك المفكرين فى العراء يواجهون خفافيش الظلام وحدهم، فى حرب مسعورة، أيادى تيار التنوير فيها مكبلة، وأعينهم معصوبة، وعقول من يتوجهون إليهم بخطاب التنوير مخدرة، زيف وعيها وغيبها سماسرة الدين الذى نزعوا منه روحه وأهدافه الأساسية من عدل وحرية ومساواة وركزوا على شكليات هجرها الزمن والتاريخ، وتصرفوا مع الآخر بدون تسامح وكأن الله جل جلاله قد منحهم توكيلات للنطق باسمه.

علق الداعية المحترم على مقال «العقل والكهنوت» الذى كنت قد نشرته فى «المصرى اليوم»، الذى كنت أناقش فيه خطورة تحالف السلطة مع رجال الدين الذين يبررون لهم تصفية معارضيهم بمبررات دينية، وهى ظاهرة قديمة تسللت إلى كل الأديان، ووصف فقيه السلطان لم أخترعه أنا بل هو قديم كتب فيه كل المفكرين الإسلاميين، بل هناك قصائد وكتب تراثية بأكملها عن نوادر الفقهاء وبعض فتاواهم التى يغيرونها نتيجة رغبة السلطان أو الملك، ولا يعنى الهجوم على هؤلاء أو انتقاد هذا الفكر هجوماً على الدين نفسه، ومن يريدون إلصاق هؤلاء المبرراتية من فقهاء السلطان بالدين وتقديمهم على أنهم هم صحيح الإسلام فإنهم يهينون الإسلام ويشوهونه وليس نحن، ولكن ماذا قال الداعية المحترم عن «المصرى اليوم»؟

قال رجل الدين المبجل بالحرف الواحد: «المصرى اليوم» وكتابها يحاربون الإسلام، «هم أحياناً يذكرون اسم الله للتغطية»، «الجريدة مليئة بالملاحدة».. دول شوية ملاحدة، كتاب «المصرى اليوم» لا يؤمنون بالله رباً ولا بالإسلام ديناً ولا بمحمد نبياً، «الحرية التى ينادون بها هى حرية العربدة والفسوق والفجور»!!.

كل هذه التهم الساحقة الماحقة البشعة لأننا نختلف مع فكرهم، كيف بهم لو حكمونا ؟!!، سيكون قطع رقابنا جهاداً، وتفجير جريدتنا جوازاً لدخول الجنة، وسحلنا والتمثيل بجثثنا وبتر أطرافنا من خلاف وتعليقنا على أعمدة إنارة شارع قصر العينى هو تنفيذ حد الله فى المفسدين فى الأرض!!.

أفاعى وحيات الأحراش قد خرجت فى هجير الصحراء البدوية من جحورها لتبدل جلودها وتلدغنا بالسم الزعاف وتعصر عظامنا والدولة تتفرج، مروجو السحر وبائعو الوهم وتجار الكلام يقتطعون من سياق العبارات كعادتهم ودأبهم على مر التاريخ ليحرضوا العامة على كل من يمجد العقل ويدعو إلى العلم، ويقيمون زاراً هستيرياً، والسلطة تدخل وتشارك معهم وتهتز طرباً لدقات دفوفهم الهادرة.

قالها صلاح عبدالصبور متنبئاً بما نحن فيه: رعب أكبر من هذا سوف يجىء.