عندما كتب صحفى، معارضاً للضريبة العقارية قدم للمحاكمة بتهمة تحريض المواطنين ضد قانون من قوانين الدولة شرعه مجلس الشعب المنتخب، وعندما أفتى داعية ببيع الآثار وطمس معالمها، رغم أن قانون الدولة يجرم ذلك لم يعترض أحد، ولم يقل مسؤول إن هذه جريمة تحريض ضد قوانين الدولة، بل تم تكريم الداعية وإفراد مساحات له أكثر وأكثر، وبدلاً من المحاسبة، أخذ الداعية يتحدث ويسهب ويشرح وينكر، بل يدافع عنه أعوانه ومريدوه ويقولون إنه لم يقل ذلك، رغم أن الحلقة مسجلة صوتاً وصورة، وعندما أفتى داعية فضائى آخر بقتل السياح اليهود لم يحرك مسؤول ساكناً، ولم يقل أحد إنه ضرب للسياحة وتمرد على قوانين الدولة!،

وعندما أفتى شيخ ثالث بأن البنوك حرام وربا ولابد من مقاطعتها، استقبل المسؤولون الفتوى بابتسامة ولسان حالهم يقول: «يا عم سيبوه ما يقصدش ده بيهزر.. ده كلام فضائيات»!!، لم يتهمه أحد بتخريب الاقتصاد المصرى وهز أركانه بالتحريض ضد أهم مؤسسة اقتصادية تحمى كيان الاقتصاد.

كلمة السر « فتوى »، خطأ وائل الإبراشى وأمثاله من المحرضين الغلابة، كتاب المقالات، أنهم لم يكتبوا على المقالة وقبل العنوان كلمة «فتوى»!، اكتب كلمة «فتوى» لتنجو بجلدك ورقبتك من حبل المشنقة ومن تهمة التحريض!، مادامت فتوى فأنت فى السليم، ودمك معصوم، بل ومكرّم ومنعّم وتفتح لك الفضائيات ذراعيها وتحتفى بك الصحف والصالونات والإنترنتات!، احرق الأخضر واليابس وقل «فتوى»، حرض الناس وقل «فتوى»، اهدم أركان الدولة المدنية وقل «فتوى»، أغرق الناس فى الخرافة وقل «فتوى»، عالج المرضى ببول الإبل والحجامة وقل «فتوى»، قدم الديناميت وأشعل الفتيل وغلفه بسيلوفان الفتوى، هنا فقط ستصبح بطلاً لا متهماً.

ما هو الفرق بين تحريض بمقال وتحريض بفتوى، لماذا تكيل الدولة بمكيالين؟!، هل نحن فى دولة مدنية لها قوانين أم فى دولة الفقيه الدينية، التى تخضع للفتاوى؟!، أليس المقياس واحداً؟!، أليس المعيار ثابتاً؟!، ألسنا أمام الدستور سواء؟!، ألم يقرر الوطن أن صحافته هى السلطة الرابعة فهل غيّر الوطن مزاجه وتفكيره، فصار الدعاة هم السلطة الأولى؟!، صار دعاة الفضائيات دولة داخل الدولة، وسلطة فوق القانون، صارت الشفرة السحرية للنجاة من أى جريمة هى كلمة الفتوى، صار مقال الرأى سكيناً يذبح به الصحفى نفسه وحبل مشنقة يلفه حول عنقه، وصارت الفتوى سكيناً يذبح الناس فى الوقت نفسه، الذى يقشر فيه للداعية تفاحة شهية!!.

لا يمكن أن يكون الصحفى ابن البطة السوداء لمجرد أنه لا يرتدى السروال الأفغانى أو الجلباب والغترة «السعودى»، لا يمكن أن يساق هو إلى السجن لمجرد مقال رأى فى زاوية يقرأها المئات، فى الوقت نفسه، الذى يفلت فيه الداعية من العقاب ويجلس على عرشه، معززاً مكرماً، رغم أنه قال فتواه أمام عشرات الملايين، هل الحل فى «أنا أركب دقن» على رأى الممثل محمد نجم، ليقول ما يشاء، محتمياً بدرع الفتوى، الذى سيقيه من السهام ويحميه من اللئام؟!.

لذلك، قررت أنا المدعو خالد منتصر تغيير اسم العمود من خارج النص إلى فتاوى لحمايتى من القص!.