جاء دفاع الإخوان عن أنفسهم متهافتاً داعياً للشفقة والسخرية أمام ما عرضه مسلسل «الجماعة» من أحداث العنف الدموية التى نفذوها وخططوا لها، فقد كان التنظيم السرى من ضمن المسكوت عنه فى أدبيات الإخوان، الذين راهنوا على ضعف ذاكرة الكهول وأنيميا ثقافة الشباب، فجاء مسلسل «الجماعة» ليوثق هذا التاريخ الأسود بالدراما، ويحيى هذه الذاكرة المتآكلة بالفن، تلك الذاكرة التى استطاع الإخوان تجريفها باللعب على وتر الدين وخلط المقدس الدينى بالمدنس السياسى.

حشد الإخوان متحدثيهم الإعلاميين ووزعوهم على برامج التوك شو لتدبيج مرافعة الدفاع ضد ما أحدثه المسلسل من صدمة فى أوساط العامة من غير المهتمين بقراءة التاريخ، ومن الذين كانوا لا يعرفون عن الإخوان إلا لون لافتاتهم الانتخابية الزرقاء، التى تحمل المصحف والسيف، شاهدوا دماء تنزف أمام بيوت آمنة لقضاة مثل الخازندار، ورصاصات تنطلق فى ظهر ساسة أبرياء داخل حصن الوزارة مثل النقراشى، وتساءل هؤلاء البسطاء: لماذا وكيف حدث هذا؟ وما هى الضمانات لعدم تكراره؟

كررت أبواق الإخوان أسطوانتهم المشروخة ودفاعاتهم المتهافتة وحكاياتهم الساذجة لتبرير وتمرير إحداث العنف فى تلك البرامج الفضائية وغسل أدمغتنا بهراء من قبيل إحنا ماقتلناش أحمد ماهر.. إحنا قتلنا الخازندار والنقراشى بس، وكأن الخازندار والنقراشى من طائفة الدواجن المباح فيها الذبح، أما ماهر فهو من طائفة بنى البشر!!، أو تلك الأيام كانت أيام اغتيالات فى المنطقة العربية كلها، وكأن القتل أنفلونزا معدية لابد أن تنتشر والإخوان غلابة لا ذنب لهم، فهم لقطوا العدوى فقط بدون قصد!،

أو نحن كنا نقتل الخونة فى إطار كفاحنا ضد الإنجليز، وكأن فرمانات إزهاق أرواح المصريين وصكوك غفرانهم وتوكيلات توبتهم وإقرارات خيانتهم هى ملك خاص للإخوان المسلمين!!، أو المبرر الساذج الذى لا ينطلى على طفل، والذى يوزعونه كالبونبونى فى برامج التوك شو، المرشد ماكانش يعرف، وهو نفس المبرر الذى قيل عند إدانة التعذيب فى العهد الناصرى، عندما تم الدفاع من خلال عدم معرفة ناصر بجرائم صلاح نصر!!، وإن كنت لا تعلم يا حسن يابنا فالمصيبة أعظم، وعندما تربى النمر فى بيتك وأنت تتخيله سلحفاة أليفة فأنت المدان، وليس لك أن تندهش حين يطبق بفكيه على رقبتك، ويغرز أنيابه فى أحشائك، فأنت من ربى النمر وقام بتغذيته وربربته وحقنه بالفيتامينات وتعليمه فنون القنص والافتراس، فلا تبك وتقل باغتنى وأكل جارى!

للأسف الفكر الذى أفرز الإخوان وتبنوه بعد ذلك وعضوا عليه بالنواجذ هو الذى سيجعل تكرار مثل هذه الحوادث روتيناً. يجب ألا نقع فى فخ التفاصيل التافهة، ولكن يجب أن نحاكم الفكر نفسه الذى سيؤدى بالضرورة إلى العنف، الفكر الإقصائى هو مولّد ودينامو العنف والقتل، أنت تخالفنى إذن أنت مرتد وكافر وحلال قتلك!، أنت لا تعارضنا.. أنت تعارض الله إذن أنت زنديق يجب اغتيالك! العنف ليس ضيفاً عابراً على مائدة الإخوان إنما هو صاحب بيت، لا يوجد حمائم وصقور فى الإخوان دعاة الدولة الدينية، هناك فكر إرهابى إقصائى سيقودنا حتماً وبالضرورة إلى طالبان جديدة، تقطع فيها الأيدى وتسمل الأعين وتبقر البطون وترجم النساء باسم الدين.