انهيار البيوت فى مصر صار ظاهرة لا يمكن السكوت عليها، الصمت أمامها جريمة وتواطؤ، وصلتنى رسالة مهمة من المهندس محمد جوهر أقدمها لوزير الاسكان والتعمير أعتقد أن فيها بذرة الحل، فانهيار العمارات لا يحله أبداً فساد المحليات!، يقول المهندس جوهر فى رسالته:

بعد الوقوف حداداً على ضحايانا تحت أنقاض البيوت المنهارة بشكل متتابع، والتى لعل القدر قد قصد من سقوطها المتلاحق ذلك أن يجعلنا نفيق، وأن ندرك أننا إذا كنا اليوم فوق الأنقاض، فمن الجائز جداً أن يصبح أى منا غداً تحتها، بين أصوات الجرافات وميكروفونات العزاء، وأيضاً حملات التوقيعات لمرشحى الرئاسة ومسلسلات رمضان، لدى فكرة لعلها توقف هذا النزيف البشرى المخزى تحت أنقاض بلد علّم الدنيا بأسرها يوماً كيف يوضع الحجر على الحجر ليصبح قطعة من الجمال المعمارى المتحدى للطبيعة والزمن فأرجوكم... اسمعوا.

بعد زلزال ٩٢ الشهير، صدر قراران مهمان:

أولهما: مجموعة من اللوائح، التى تنظم وتشدد من إجراءات استخراج تراخيص البناء وتم إسناد تطبيق هذه اللوائح إلى الأجهزة المحلية، والإجراءات التى صدرت فى حينها والمستندات التى شرع فى تقديمها كلها إجراءات رائعة، ولم تغفل شيئاً من مستندات ملكية.. إلى تقرير جسات إلى شهادات تحمل وإشراف ونمل أبيض!!! وخلافه ، إلا أن إسناد تطبيق أى قوانين أو لوائح إلى جهاز ضعيف يصيب العملية كلها بالضعف والوهن وتصبح المسألة صورية وتنتهى بأنقاض وأشلاء وجرافات ومشهد مخز كما قلنا.

ثانيهما: تأسيس هيئة الأبنية التعليمية

وأتصور أن ميلاد هذه الهيئة كان له علاقة بأن نسبة عالية من ضحايا زلزال ٩٢ كانوا من تلاميذ مدارس مبانيها كانت متهالكة، فجاء تأسيس هذه الهيئة تصحيحاً لهذا الخطأ وحفاظاً على أرواح أبنائنا، وبنفس القدر الذى «تتميز» به المحليات من ضعف ووهن ونقص فى الإمكانيات، فلا مهندسين ولا معامل ولا حاجة خالص تميز هيئة الأبنية التعليمية بكونها هيئة قوية متخمة بالكفاءات والإمكانيات، مما انعكس على الأداء، ومن ثم المنتج النهائى، فالمدارس أصبحت مبانيها قوية عفية وأعمال الصيانة الدورية تجرى على قدم وساق، ولا أقول إن الأمور مثالية ولكنى أستطيع أن أقول إن المقاول المتلاعب المتباطئ يا ويله يا سواد ليله فى هذه الهيئة، وأنا أقول هذا وأنا لست بعيداً عن هذا المجال فأنا مهندس مدنى بهيئة قناة السويس منذ حوالى ٣٠ عاماً.

والاقتراح أو الفكرة:

لماذا لا تسند أعمال الإشراف والمتابعة والتفتيش على أعمال بناء وترميم وتنكيس مساكن الأهالى وبالإلزام والإجبار لهيئة مستقلة قوية تتوافر فيها بجانب اللوائح والقوانين الإمكانيات البشرية والعلمية والمعملية اللازمة؟، سنجد من يقول: ونجيب منين يا حسرة؟!، أرد عليه وأقول له إن المصريين لم يعودوا يستثمرون أموالهم فى شىء إلا فى العقارات، وإذا فرضت ضريبة أو رسم أثناء استخراج الرخصة، نظير الإشراف الحقيقى على الأعمال المنفذة أوفر ١٠٠ مرة من الموت تحت الأنقاض، والبقاء لله.