أعلن الباحث إسلام بحيرى فى لقائه مع الإعلامى معتز الدمرداش أنه استفاد من الدرس، ولن يقبل برامج المناظرات مرة أخرى، وقد كتبت وقت مناظرته مع د. أسامة الأزهرى والحبيب الجفرى، وقبلها مع الشيخ عبدالله رشدى، أن تلك المناظرات غير ذات جدوى فى مصر، وتنبأت بفشلها، وقد تحققت النبوءة، وتم سجن «إسلام» بعد مناظرة «الأزهرى»، التى كانت تسوق كحل للمشكلة، وعلى أنها جلسة للرأى والرأى الآخر، فإذا بها تتحول إلى فخ من المؤسسة الدينية التى لم تقبل حتى بالتعادل لتقديم «إسلام» إلى المقصلة، شعارهم كان إما أن ننتصر ونسحق الرأى المخالف وإما أن نُسلمه إلى عابرى السبيل بعد أن ختمناه بختم الازدراء، فيصير لقمة سائغة لكل منتقم يتخيل أنه يدافع عن الرب ويحتكر التحدث باسمه، عبثية ولا جدوى تلك المناظرات تأكدت منها حين حضرت مناظرة فرج فودة فى معرض الكتاب ضد مأمون الهضيبى ومحمد عمارة، وتحدث فيها «فودة» بمنتهى العقل والأدب والهدوء وقوة الحجة، كانت هذه الندوة رغم كل تلك الضمانات هى بوابة الجحيم ومبرر الاغتيال، ولم يشفع له أدبه وحجته وانتقاء ألفاظه!، لكن لماذا تفشل مناظراتنا؟ ولماذا يجب ألا ننتظر منها تغييراً أو نتيجة؟، المناظرة مجدية حين نتخطى مرحلة معرفة المصطلح وحسم فهمه إلى مرحلة الجدل حوله، فمثلاً ندعو إلى مناظرة حول العلمانية، وكأن المشاهد يعرف أساساً ما هى العلمانية!!، يظل الطرفان يرطنان ويتشاجران والمصطلح نفسه تائه ضبابى ومشوش، للأسف هناك إجراء سيكولوجى يرتكبه المشاهد المصرى باللاوعى، وهو أنه يحذف دون قصد أو تعمد الضيف الذى يقول رأياً يصطدم مع رأيه، يشطبه من نصف الشاشة، ويحتفظ بنصفها الذى يطل منه ضيفه الذى يروق له فكره، وهكذا يخرج من المناظرة أكثر تطرّفاً وانحيازاً، ولا تستطيع المناظرة تحريكه قيد أنملة عما يعتقده ويتبناه من أفكار، إذاً فهى مناظرات اللاجدوى، زاد من لاجدواها وضاعف من عبثيتها التعامل الإعلامى مع تلك المناظرات، معظم الإعلاميين يتعامل مع المناظرة كصراع ديوك ومبارزة سيوف، يستخدم فيها ضيوفه كأوراق «كلينيكس» وموديلات إعلانات، لا توجد قضية لدى هذا الإعلامى تؤرقه، ولا الموضوع فى باله أصلاً، المهم «الراتينج» ترتيبه فى كم الرعاة والإعلانات، وليذهب الجميع إلى الجحيم، كنت دائماً أحذر الصديق المرحوم جمال البنا من تلك المناظرات التى يلتقط منها أشرار الإعلام ودراكيولات الإنترنت كلمتين تلاتة كمانشيت ويضيع موضوع الحلقة الحقيقى، والكلام المهم الذى قيل يتوارى إلى الخلف ويتم إهماله، لذلك نصحته، وكان رجلاً طيباً دمث الأخلاق، نصحته بأن يقدم مشروعه فقط ولا يأبه للهجوم ولا يستجيب للمعارك الجانبية والمناظرات العبثية، كذلك كل من لديه مشروع تنويرى لا بد أن يحذر الفخاخ الإعلامية المنصوبة بدهاء ممن يستخدمونهم كسلع إعلانية ونمر سيرك وفقرات ملاهٍ ليلية، المناظرات فى مصر وهم كبير، مثلها مثل الحب الأول واختراع الفنكوش.