الفرحة الطاغية التى سيطرت على المصريين عند حسابهم لمدة إجازة عيد الأضحى والتى ضموا إليها الجمعة والسبت ما قبل الوقفة والجمعة والسبت ما بعد العيد بمجموع تسعة أيام يعنى ثلث شهر، هذه الفرحة هى دلالة كارثية على طريقة تفكيرنا وعدم إحساسنا بحجم الجهد الذى لا بد أن يبذل لانتشال هذا الوطن اقتصادياً وعقلياً، شعب يعمل ١٩ دقيقة فى اليوم فقط ويتسول أكله ولبسه وحتى أفكاره يتسولها من الصحارى والفيافى، ويفرح ويزقطط لأنه سيظل تلت شهر مأنتخاً بعيداً عن حركة الدنيا ببنوكها واقتصادها وحياتها لأنه يحتفل بعيد الأضحى، جميل أن تفرح بعيدك الدينى، لكن افرح يوم مش ضرورى أسبوع أو تسعة أيام أو حتى يومين فى ظروفنا دى، الحجاج فى السعودية محتاجون إلى مثل هذه الإجازة لتأدية الشعائر والطقوس، لكن ماذا عنا نحن فى مصر؟، نحن لا نقف على عرفات ولا نسعى ولا نرجم.. إلخ، نحن هنا نشاهدهم على التليفزيون فقط، نشاهد أول يوم ونعود لأشغالنا وأعمالنا وإنتاجنا إن كنا نريد إنتاجاً وعملاً، لكن أن نأنتخ بحجة فرحة العيد لمدة تسعة أيام فهذا يعتبر فى بلد على حافة الإفلاس عبثاً، بدلاً من أن نطالب بأن يعمل المصنع ثلاث ورديات ننام فى بيوتنا تلت شهر، هل فى ظل الخلافة الأموية أو العباسية أو ما بعدهما كانت بغداد ودمشق والأندلس يترك أهلها أعمالهم وتجارتهم تسعة أيام لمتابعة الحجاج فى مكة؟!، كنت وأنا طفل عندما أزور قرية أبى فى دمياط أرى أقاربى العاملين فى مصنع الغزل والنسيج بدمياط وهم عائدون من المصنع فى الثامنة صباحاً من وردية المساء فأندهش كيف يستيقظ شخص فى المساء وينام بالنهار استعداداً للسهر فى العمل، بالطبع الآن صار المصنع للأسف خردة لا يصدر للخارج كما كان فى نهاية الستينات وأوائل السبعينات، عماله القدامى معظمهم على المقاهى إما مالكاً لها أو شارباً للشيشة على كراسيها، سمعت من العاملين والجيران والشارع بعد إعلان إجازة العيد الحمد لله أهو نستريح شوية!!، هو أنت كنت اشتغلت أصلاً عشان تستريح، مم تستريح؟!!، من الـ١٩ دقيقة!!، أعرف بالطبع أن هناك من يعمل وبجد وإخلاص ولكنهم قلة للأسف، يجب أن نواجه أنفسنا وبصراحة بل وبقسوة، لا أريد أن نخرج فى مظاهرات رفضاً للإجازة لكن يجب علينا أن نفكر بطريقة جديدة لأننا فى أزمة جديدة وحادة لا حل لها إلا العمل ثم العمل ثم العمل، عقلية المكتب الإيديال والتخشب على كرسيه حتى ميعاد صلاة الظهر ثم التزويغ بعدها واحتقار العمل اليدوى وفهلوة الطلسأة، كل هذا يجب أن يمسح بأستيكة الجد والجهد والعمل، هناك بلاد تستطيع احتمال أن يمارس أهلها الكسل والأنتخه بالشهور وخاصة فى رمضان، لأن هناك حيضاً جيولوجياً ينساب من الأرض اسمه البترول، لكننا لا نستطيع تحمل كل هذا الترف، يكفى إجازتنا السنوية للفسحة والمتعة وإجازة نهاية الأسبوع وبعض المناسبات الدينية والوطنية التى لا بد من تقليص جدولها نتيجة للظروف المحلية والعالمية ولاننسى أن بعض الدول الإسلامية، مثل ماليزيا والمغرب وتونس جعلت إجازتها الأحد وليس الجمعة حتى تتماشى بنوكها ويتجانس اقتصادها مع حركة الاقتصاد العالمى، وهذا هو البديهى والمنطقى ولكن منذ متى ونحن نفكر بالمنطق؟!!.