محرقة قانون ازدراء الأديان لن تكف عن استقبال ضحايا جدد، ها هو د. سيد القمنى يقدم فيه بلاغ ويقبل البلاغ ويتحرك بسرعة الصاروخ لتبدأ رحلة المرمطة والتجريس والجرجرة والتكفير وتلويث السمعة والاغتيال المعنوى تمهيداً للاغتيال الجسدى وكله بالقانون، قبل بلاغ القمنى بأيام تلقت نوال السعداوى نفس الاتهامات والتهديدات والشتائم والسباب بأقذع الألفاظ وأكثرها سفالة، البلاغ ضد القمنى كان على خلفية ندوة عقدها فى بلجيكا، والبلطجة ضد السعداوى كانت على خلفية ندوة عقدتها فى مكتبة مصر الجديدة، المحتسبون الجدد الآن شهيتهم مفتوحة كالضباع للدماء والدولة تساعدهم والبرلمان يطنشهم والغرب لم يعد يهتم بما يحدث للمثقف المصرى قدر اهتمامه بما يحدث للإخوانى القطبى، يتربصون بالندوة واللقاء والبرنامج والمداخلة والبوست والتويتة، صور وسجل واطبع «دى فى دى» واجرى على النائب العام والمحاكم، لدى المحتسبين الجدد قانون مطاط يمنحهم الحق فى مصادرة كل اجتهاد وتكميم كل فم وقصف كل قلم، الدولة ما زالت لديها نفس المتلازمة المرضية المزمنة، التى من أهم أعراضها مازوخية متأصلة فى غدد أمن الدولة تجاه الذقن السلفية الوهابية تحفز اللذة مع كل جثة شرطى يموت أو مثقف يسجن أو كنيسة تحرق، كلما حدث هذا التصقت بهم الدولة أكثر ومنحتهم ثقة أكبر، والبرلمان طناش كامل وعمى متعمد حيسى وأذن من طين والأخرى من عجين تجاه هذا القانون بالذات أو أى قانون يمنح المواطنة الكاملة للبشر ويخفف من التمييز الدينى مثل إلغاء خانة الديانة، بالرغم من أن هناك قوانين أخرى تناقش فى ثوان وتحسم لأن الدولة عايزه كده، المحتسبون الجدد وسماسرة الدين يعرفون بل متأكدون أنهم خاسرون حتماً فى أى نزال فكرى محايد أو مواجهة نقاشية منظمة غير منحازة، متأكدون من تهافت منطقهم وأن أساطيرهم وأوهامهم محض هراء ومرعوبون من أن ينفضحوا وتبور بضاعتهم ويظهر عطبها فيهجم عليهم الناس الذين ظلوا قروناً وقروناً يأكلون العطب ويشترون البالة والسكند هاند وينخدعون فى الروبابيكيا، لذلك يلجأ هؤلاء السماسرة إلى ترسانة قوانين تحميهم، صياغة على الورق لمدى رعبهم من المواجهة الفكرية الفكرية، الدولة ترفض حتى منح الحياد ومنديل الأمان فى النقاش الحر المتكافئ، تترك المثقف والمفكر والمجتهد عارى الصدر يتلقى السهام المسمومة وينتظر العسس أمام باب الندوة أو على أعتاب التويتة، وفى النهاية تنتظره المقصلة، وبعدها يطالبونه بكل برود أن يجتهد، ويسألونه فى الشارع بكل بجاحة لماذا لا تجدد، الجميع يطلب من المثقف الذى له حياة وأسرة وعمل وطموح أن يصبح محارباً دون درع أو سيف أو حتى ملابس داخلية، يتركونه لتسونامى التكفير، تنهش فيه ضباع الغابة وهوام الأرض، المشجعون للمحتسبين الجدد لا يعرفون أنهم سيكونون أول ضحاياهم، أول من سيعلق على أعواد المشانق، أول من ستُأكل أكبادهم وتُمضغ قلوبهم نيئة، من يربى نمراً فى بيته لا يبكى عندما ينشب أنيابه ومخالبه فى رقبته، ولنا فى السادات عبرة، اللى يخلى خده للمحتسبين مداس هو أول واحد حينداس.