فعلت «المصرى اليوم» خيراً بنشرها لوثيقة تجديد الخطاب الدينى التى صاغها د.صلاح فضل، التى تستحق أن تكون مانيفستو عمل وخريطة طريق تترجم ما قاله الرئيس السيسى لرجال الأزهر بضرورة تجديد الخطاب، التى رفع سقفها إلى حد المطالبة بثورة دينية، وتترجم أيضاً أمانينا فى مجتمع مدنى جديد يتلاحم مع حضارة العالم بدون كراهية للآخر أو نفى للمختلف أو فاشية مع الآخر، من أجل دين متصالح مع العالم متفاعل مع الدنيا ينظر للمستقبل حر الحركة دون أغلال حرفية النص وبقبول إعادة التفسير والفهم فى ظل تغير الزمان والمكان، للأسف لم يكرر الرئيس السيسى نداءه، ولم يتابع ماذا فعل الأزهر!!، والأسف الأكبر أن الأزهر نفسه اكتفى بلافتات وأوت دورز الشوارع البراقة بديلاً عن العمل الحقيقى الجاد لتجديد الخطاب والفكر الدينى، لكن الزميلة «المصرى اليوم» عرضت الأمر للأسف، وكأنه انتصار للأزهر، وهو عكس الواقع تماماً وأعتقد أنه كانت هناك مقدمة محذوفة لم تنشر نظراً لبعض المواءمات وعدم إحراج المؤسسة الدينية، فالسؤال الحقيقى والمهم الذى لم يطرح هو لماذا تأجلت تلك الوثيقة ولماذا يتعطل صدورها وبتعمد ومع سابق الإصرار والترصد بعد مناقشات استغرقت أكثر من عام؟، وبعد تكليف الناقد الكبير د.صلاح فضل بكل ما له من تاريخ وإسهامات فى المجال الثقافى وقدرة على صياغة الأفكار بصرامة وانضباط بكتابة الوثيقة؟!، لماذا يماطل المسئولون هناك د.صلاح فضل، ويتعاملون مع وثيقته التى هى وثيقتهم بالأساس بمنتهى اللامبالاة وكأنه متسول هبط عليهم بالباراشوت؟!، الإجابة هى فى «لوبى» الوهابيين المحيطين بشيخ الأزهر، والذين لا يعجبهم ما فى الوثيقة من رغبة فى إذكاء روح التفكير النقدى وغربلة التراث والحفاظ على حرية الإبداع وحق الاجتهاد، ابحث عن المصلحة فى تعطيل تلك الوثيقة، السؤال وبكل براءة ورغبة فى المعرفة وبدون اتهامات مسبقة هو هل من يعطل الوثيقة يدافع عن الله أو الدين أم يدافع عن البيزنس والمصلحة والريال والدولار وقصر التجمع الخامس وسيارة الفور باى فور وشيك رحلات العمرة وملايين رحلة الحج والمنصب الموعود ومكافآت الإشرافات والامتحانات والإعارات وسمسرة الصفقات التى من تحت الترابيزات ما بين حارقى البخور السلفى فى الداخل والوهابيين فى الخارج؟!، لا بد أن نحصل على إجابة شافية، فالوثيقة تمت صياغتها ومناقشتها على مدى عام كامل واشترك فيها خيرة المثقفين والمفكرين، لكى تفعّل، لا لكى توضع فى الأدراج، هناك موظفون خبراء فى هذه المؤسسة التى نجلها جميعاً، كل خبرتهم فى تبريد القرارات فى الفريزر الأزهرى بطريقة «فوت علينا بكره» وبأسلوب جدل القدامى فى الحيل والألغاز الفقهية التى من قبيل طهارة حامل قربة الفساء وصحة وضوئه!!، هذا التسويف لتلك الوثيقة لا بد من أن نعرف من يقف خلفه داعماً له، وقديماً قالوا أخبرنى من هم مستشاروك، أقل لك من أنت.