أخطر أنواع الدجل هو ما يصدر عن أستاذ أكاديمى متخصص لأنه يمتلك المصداقية وقوة التأثير من خلال وظيفته وشهاداته. صار الإعلام الطبى للأسف يتبنى هؤلاء ويلمعهم ويقدمهم للقراء والمشاهدين الغلابة على أنهم المرجع والملجأ والملاذ. قرأت فى الأهرام أخيراً مقالاً عن الخلايا الجذعية فى علاج أمراض العيون المستعصية، وبالطبع كم من المرضى اليائسين سيقرأ هذا الكلام ويقتنع بأن الخلايا الجذعية ستعالج ضمور العصب البصرى، ويذهب ليدفع عشرات الآلاف فى سبيل الوهم، فلم يذكر المقال كلمة سوف يحدث فى المستقبل، ولم يقل صراحة إنه لا يوجد علاج بخلايا جذعية الآن للعصب البصرى أو غيره، وكلها تجارب معملية لابد أن تعترف بنتائجها وتسمح بتطبيقها الجهات العلمية المعتمدة، لكن المقال للأسف قدم الخلايا الجذعية على أنها إجراء يمارس الآن بطريقة قرب قرب وجرب الجذعية وستجد ما يسرك، كان لابد أن أسأل الأساتذة المختصين خاصة فى أمراض الشبكية من خلال جمعيتهم المحترمة، وقد أرسل لى د. خالد الرخاوى، أستاذ طب وجراحة العيون بقصر العينى، رداً جامعاً مانعاً على ما نشر من هراء متعاص بمصطلحات علمية خادعة، يقول د. الرخاوى: بالنسبة لاستيضاح حضرتك عن المنشور فى جريدة الأهرام صباح اليوم ٨/ ١١/ ٢٠١٥ تحت عنوان «الخلايا الجذعية لأمراض العيون المستعصية» أفيد سيادتكم بأن المحرر (العلمى!) أو من أدلى له بالمعلومات قد استغل التشابه اللفظى لكلمة «خلايا جذعية» وقام بخلط شديد بين جزء بسيط من الحقيقة مع جزء أكبر كثيرا من الوهم والتدليس للأسف، والذى يرتدى ثوب العلم، بينما هو مجرد تجارة بآلام القراء من المرضى، فمن أين أتى الخلط الشديد؟ تعبير «خلية جذعية» يشير إلى كل خلية لديها القدرة على التمحور لاكتساب صفات نسيج آخر، ومن المعروف أن خلايا الجنين فى مراحل تكونه الأولى توصف بأنها «جذعية» لأنها سوف تنشأ عنها أنسجة مختلفة تكون فى مجموعها جسم الكائن اليافع، وهذه الخلايا هى- من التعريف- خلايا جذعية «جنينية»، ولكن توجد أيضا فى الجسم اليافع خلايا قابلة للتحور لأنواع مختلفة من الأنسجة وأشهر مثال لذلك هو خلايا النخاع العظمى، والتى تتحول إلى أنواع مختلفة من خلايا الدم (كرات دموية حمراء أو بيضاء بأنواعها أو صفائح). أما بالنسبة للعين: فتوجد مجموعة واحدة ووحيدة من الخلايا ذات خاصية شبيهة، وهى الخلايا التى تغطى سطح الجزء من الملتحمة الملاصق للقرنية (limbus)، وهذه الخلايا يمكنها أن تتحور لتصبح مماثلة أما لباقى خلايا «سطح» الملتحمة أو لتكون مماثلة لباقى خلايا «سطح» القرنية، ولذلك فإن لها بالفعل استخدامات محدودة فى حالات مرضية محددة، وتلك الاستخدامات المحدودة معظمها معروف ومستقر منذ عشرات السنين، ولا تعتبر اكتشافا حديثا وأملا جديدا لأمراض العيون المستعصية كما جاء فى متن الخبر. أما باقى ما احتوى عليه الخبر المنشور فأستطيع أن أؤكد لسيادتكم أنه لا يمت للعلم الطبى بأى صلة فلا علاقة لأى خلايا جذعية بترقيع القرنية، ولا باعتلال الشبكية الناتج عن مرض السكر، ولا بضمور العصب البصرى الكلى أو الجزئى، ولا بغيره من أمراض الشبكية، وأؤكد لسيادتكم أنه لم يتم نشر بحث طبى إكلينيكى واحد فى أى مجلة علمية يشير إلى ما أشار إليه عنوان الخبر المنشور من أمل جديد لعلاج أمراض العيون المستعصية.