عندما قلت فى مقال سابق إن الحزب السلفى سيتبدد والمزاج السلفى سيتمدد لم أكن راجماً بالغيب ولكنى كنت قارئاً للواقع الذى صار فيه النفاق والتدين الشكلى وادعاء الورع أهم من صدق الضمير، لكن الخطر الأكبر أن هذا المزاج صار سيكوباتياً بامتياز، فقد اختلط هذا المزاج السلفى بالبلطجة والفضائحية والتلذذ بتلويث سمعة الناس والرقص على جثثهم وتكوين ثروات طائلة من التجارة فى أعراضهم، وصار من يقدمون لنا تلك الطبخة الشيطانية غير واضحى الملامح مثلما كانوا فى الماضى، لم يعد الشكل التقليدى من جلباب قصير أو نقاب مسدل هو اللوجو المميز لطهاة وطباخى هذا المزاج العليل المعتل الذى تعيش فيه مصر بعقلها الغائب وإعلامها الذى صار بلا ضمير وبلا مهنية وبلا قلب وبلا رادار!، بل ارتدوا الجينز وصبغوا الشعر ونفخوا الشفايف وحقنوا البوتوكس، لقطة من هذا السيرك الإعلامى. فتاة تتجول فى مول فيتحرش بها مسجل خطر ويصفعها على وجهها فتلومها المذيعة لأنها لابسة تى شيرت كت وتتهمها بأنها السبب وتجرسها وتنشر صورها الخاصة سرقة من على الموبايل حتى تنقل للناس أن الفتاة سيئة السمعة وتستاهل كل اللى يجرى لها!!، مباح أن يتحرش الرجل ويهيج لأن نصف كم تى شيرت البنت قد تحول إلى كت وظهرت عضلة الباى سيبس التى تسيل اللعاب ومعها عظمة الترقوة التى تحدث الأورجازم عند الرجل المصرى المسكين الغلبان، أما عضلة التراى سيبس الخلفية فى ذراع تلك الفتاة الملعونة فهى قمة الإغراء الأنثوى فقد تسببت فى تفكيك صواميل ركب الرجل طيب الأخلاق الكيوت ففقد السيطرة على منطقة البروستاتا المقدسة وانجذب كالمغناطيس إلى تلك الشيطانة الإغوائية والأفعوانة اللولبية!!، نظرية تستاهل وإيه اللى وداها هناك وليه لابسه كده... إلخ. تلك النظرية التى تعبر عن مجتمع جاهل متخلف منافق يعكس تخلفه ونفاقه إعلام داعر عاهر يستهلك جمهوره كورق الكلينكس ويستعمله وقوداً يحرق به نفسه قرباناً لصنم الإعلانات المقدس، نظرية ترسخ فكرة أن المرأة ملعونة إن أقبلت أو أدبرت وأنها هى الإغواء مجسداً، نظرية تستبيح حياة الناس الشخصية بكل بجاحة تحت لافتة الحفاظ على الأخلاق، نظرية تجعل من الشياطين وعاظاً، ومن القوادين معلمى أخلاق، ومن بائعات الهوى سمكرية ضمائر!!، نظرية تحول بيوت الدعارة إلى بوتيكات إعلامية إعلانية فضائية بمجرد وضع ماركة الإعلامى فلان أو الإعلامية فلانة على البضاعة التايوانى المضروبة، للأسف نحن مجتمع كاذب يستمتع بكذبه ويتاجر بنفاقه وللأسف يغرقه إعلامه أكثر فى هذا الكذب والنفاق والتفاهة، الإعلام صار رمالاً متحركة تغوص بنا إلى قاع العفن، وصار سطح النهر لا يستقبل على سطحه إلا الطحالب اللزجة السامة والحشائش الضارة التى تزكم رائحتها الأنوف، لكن الظاهر أننا فقدنا حاسة الشم كما فقدنا حاسة الذوق وبوصلة الضمير ومنبه العقل.