الاقتصاد الألمانى، بل الاقتصاد الأوروبى والعالمى، كله اهتز لفضيحة شركة «فولكس فاجن»، فهى تعد أكبر شركة سيارات فى العالم، ويكفى أنها توظف 270 ألفاً، واسمها سيارة الشعب، لكن ما هى الفضيحة باختصار؟ الفضيحة ليست عيب صناعة موتور أو متانة... إلخ، ولكنها عيب تحايل فى اختبارات انبعاثات عوادم سياراتها التى تعمل بوقود الديزل، الشركة اعترفت بوجود حوالى 11 مليون سيارة تحتوى على أجهزة الخداع فى جميع أنحاء العالم، وليس فى أمريكا فقط كما كان يُتصور فى البداية، أو ما يُعرف بـ«جهاز خداع اختبارات الانبعاثات» أو «defeat device»، وعندما تعمل السيارة فى ظروف معملية مُراقَبة، والتى تتضمن وضع السيارة على منصة اختبارات الانبعاثات فى وضع الثبات، تضع أجهزة الخداع السيارة فى وضع يشبه وضع «الأمان» فى الكمبيوتر ليبدأ المحرك فى العمل بمستوى أقل من مستوى القوة العادية له ويظهر أداء أضعف من الطبيعى، وهنا تكون النتيجة الطبيعية أن يصدر المحرك انبعاثات نيتروجين أقل، ولكن ما إن تنطلق السيارة على الطريق حتى ترتفع نسبة الانبعاثات مرة أخرى، يعنى باختصار المشكلة كلها مشكلة تلوث انفجرت بضغط من جماعات الحفاظ على البيئة، وطبعاً الكلام ده عندنا يثير الكوميديا ويعتبر من باب النكتة، لابد أن نعرف أن ألمانيا هى التى تحاكم وتفتح ملف القضية، لم تقل «إكفى ع الخبر ماجور»، أو بلاش إثارة إعلامية تهدد الاقتصاد الألمانى الذى تمثل فيه صناعة السيارات أكثر من 17% من الصادرات، باختصار مفيش طرمخة على الموضوع، رغم أن الشركة تنتظر الخسائر والكوارث التالية: سحب 500 ألف سيارة من الولايات المتحدة، وهى التكلفة التى تقدر بـ6.5 مليار يورو. الغرامة لكل سيارة لا تلتزم بضوابط نظافة الهواء المقررة فيدراليا قد تبلغ 37.500 دولار، مما يعنى أن الشركة قد تُجبر على دفع غرامة كلية قدرها 18 مليار دولار كونها باعت 482 ألف سيارة فى الولايات المتحدة منذ عام 2008، بالإضافة إلى التعويضات التى ستضطر لدفعها إلى المشترين، مع تدنى سمعة الشركة فى الأسواق العالمية. بدء فتح ملفات الماضى وتسييس القضية، فقد رفع عمال وناشطون سابقون فى ساو بولو دعوى يتهمون فيها مجموعة فولكس فاجن الألمانية لصناعة السيارات بالسماح بتعذيب واضطهاد معارضين فى عهد النظام الديكتاتورى العسكرى. وتأتى هذه القضية بينما تواجه فولكس فاجن فضيحة محركات الديزل، وتتناول الدعوى التى رفعها منتدى العمال من أجل الحقيقة والعدالة والتعويض، بدعم من نقابات ومحامين وناشطين فى الدفاع عن حقوق الإنسان، نشاطات المجموعة الألمانية فى عهد الديكتاتورية العسكرية من 1964 إلى 1985. فى يومين فقط فقَد سهم شركة «فولكس فاجن» للسيارات 25% من قيمته فى بورصة فرانكفورت. خسرت قطر، أحد أكبر حاملى الأسهم فى شركة فولكس فاجن، 5 مليارات دولار من استثماراتها. شركة فولكس خصصت 7.3 مليار دولار من أجل خطة تغطية تدابير الخدمات الضرورية لاستعادة ثقة عملائها. يا ترى تلوث مصانع الأسمنت وعادم السيارات ورش المبيدات ورش بوليستر الموبيليا فى دمياط... إلى آخر هذه الكوارث، سنفتح ملفاتها أم أن الطرمخة هى سيدة الموقف؟!