تونس تمنع ارتداء المدرسات النقاب، قرار حكيم وشجاع وليس فيه أى مساس بالحريات ولا بحقوق الإنسان، كما يدعى البعض، من يسأل عن حق المعلمة فى أن ترتدى النقاب داخل الفصل عليه أن يسأل أولاً عن حق الطفل فى تواصل إنسانى جيد كخطوة أولى لتعليم جيد، لماذا لا نأتى بشريط كاسيت للأطفال فى الفصل بدلاً من المدرسة وراتبها ومصاريفها ونريح أنفسنا مادامت الحكاية مجرد طق حنك ودلق كلام وثرثرة لمدة ساعة إلى أن يرن جرس الحصة التالية؟! القصة ليست قصة شرح كتاب مدرسة، والقضية ليست قضية تسميع منهج دراسى، القصة والقضية هى التواصل مع الطالب الذى لا يمكن أن يتحقق من خلال لثام أسود أو عبر ستارة سميكة، لن أدخل فى جدل دينى، فالقضية ليست قضية دينية لكنها قضية تربوية. أختى المنتقبة لن أناقشك فى اختياراتك، وما هى ظروفها وملابساتها، لكن التعليم حوار وتواصل وتفاعل وخد وهات، وكل هذه الشروط لن تتحقق مع النقاب، ما دمتِ قد اخترتِ فأنتِ حرة فى نطاق جدران بيتك أن تفعلى ما تشائين، لكن الخروج إلى المجتمع والتعامل مع الأطفال وأمانة توصيل معلومات ومنهج دراسى تحتم عليكِ التعامل وجهاً لوجه، إنها الهوية، ولا ينفع فى التعليم طمس الهوية، الوجه فى البطاقة يا سادة اسمه الهوية، يعنى الملامح هى باختصار هوية البنى آدم، وماينفعش حد يبرر لمعلمة أن تدخل على الأطفال بالنقاب بجمل وعبارات مقتبسة من حواراتهن من قبيل: «أصل أنا مستريحة للبسه، أو لابساه عن اقتناع...الخ»، لأنه من الممكن أن يقول لنا صاحب السيارة ذات الزجاج الفيميه مبرراً: «أنا مقتنع بكده»، أو يحمل إنسان سلاحاً دون ترخيص ويقول: «أصل أنا شايله عن اقتناع»!!، فيه قانون وضوابط للعملية التعليمية يجب أن تُحترم ولا تُترك للمزاج. أختى العزيزة لا أعترض إطلاقاً على أنك مستريحة وسعيدة نفسياً بالنقاب، لكن العملية التعليمية ديالوج فيه طرفان، والطرف الثانى الطفل هو المستهدف، وهو الذى ننتظر أن ينتشل مجتمعنا وينهض به، ولابد أن أوفر له كل الظروف التعليمية الجيدة، وعنصر مهم منها شخصية المرسل، وأهمها أن يكون قادراً على التواصل، تونس استطاعت ومصر لم تستطع بعد لأنها حتى الآن لم تحدد هويتها، هل هى دولة دينية أم مدنية؟! كنا فى 2011 نقول: مصر مش تونس، فهل حتى الآن مازالت تلك المقولة صادقة؟!