700 حاج ضحايا التدافع لرجم إبليس!!، مانشيت مأساوى يعبر عن حالة العشوائية السلوكية والأخطر العشوائية الفكرية التي نعيشها نحن المسلمين، مشهد رمى الجمرات على نموذج إبليس الحجرى، تشارك فيه بكل حماس وهستيريا الشباشب وزجاجات المياه والأحذية والعصى وكل ما تستطيع أيادى الحجاج الوصول إليه من أدوات انتقام!!، هل هذا هو إبليس فعلاً؟!، إنه مجرد رمز ولكننا مجتمعات لا تفهم الرمز والتجريد، فبمجرد أن يقال هذا إبليس فهو بالقطع إبليس بشحمه ولحمه، ولابد من الانتقام منه، فهو الذي تسبب في كل المشاكل التي مررت بها ودبّر كل المصائب التي وقعت فيها، واليوم وقع في قبضتى ولابد أن أنتهز الفرصة، على فكرة ليست هذه طريقة البسطاء فقط، لكنها طريقة حملة الدكتوراه أيضاً، لا يعرف هؤلاء أن إبليس يسكننا، يسكن تحت الجلد وفى شغاف القلب وفصوص المخ، وما عليك إلا أن ترجمه وتطارده داخلك، ترجمه حين يوسوس لك بأن تخالف ضميرك، ترجمه حين يقول لك افسد..ارتشِ... خُن...اسرق جهد وعرق زميلك.... اصعد على جثة صديقك... إلخ، يخرج رجل دين مستنير ليوسع لهم زمن هذا الطقس ومدة رمى الجمرات ويسمح لهم بالتوكيل، لكنهم لا يسمعون إلا فتاوى المتشددين ويصرون على هذا الحشد والحشر الرهيب بما فيه من دهس وفعص تحت لافتة من يتعرقل يموت، بل من سيقف متعباً لمجرد نصف دقيقة سيموت، توسعة الحرم ليست هي الحل، بل توسعة المخ هي الحل! ما كان صالحاً لمائة أو ألف صار غير صالح أو مناسب لثلاثة ملايين، وماذا عن الحج بعد مائة سنة وألف سنة عندما تتضاعف تلك الأعداد أضعافاً مضاعفة؟، الله لم يفرض علينا الحج ليموت الحجاج، وبالطبع هم الحجاج الذين ليست لديهم واسطة ولا مكان خاص أو شرفة مخصوصة لرمى الجمرات، الله فرض الحج لِمَعانٍ وأغراض أخرى غير الانتحار، لذلك لابد للسعودية وللعالم الإسلامى أن يستمع إلى صوت العقل ويناقش أفكاراً وحلولاً فقهية مرنة، تراعى الصالح والضرورى والمتغير، أفكاراً طرحها مجتهدون اتُّهموا بالجنون وتم تكفيرهم حين حاولوا تفسير الشهور المعدودات ولماذا تحولت إلى الأيام المعدودات؟، ولو تم رفض تلك الفكرة اطرحوا أفكاراً أخرى للحل، المهم أن الوضع بهذه الصورة كارثى، ولا نريد لرحلة الحج المقدسة أن تصبح رحلة الجثث المكدسة، رحم الله ضحايا الكارثة وشفى الله المصابين وشفانا أيضاً من مرض التصلّب الفكرى.