وصلتنى رسالة مهمة من طبيب العيون د. حاتم أيمن، أرجو من وزارة السياحة الاهتمام بها، يقول فيها: «استرعى انتباهى أثناء زيارة أسرية قصيرة، الأسبوع الماضى، لإحدى الجزر الاستوائية فى إندونيسيا خبر صغير فيه تنويه عن زيارة مرتقبة للرئيس السيسى للصين، فى سبتمبر المقبل، وتلفتُّ حولى عند قراءتى هذا الخبر، فلم أجد حولى من يمينى أو يسارى أو خلفى إلا سياحاً صينيين وقلة من الهنود وثلة من الأستراليين والأوروبيين، ولاحظت أيضا اهتمام العاملين بالفندق الفائق بصورة خاصة بالسائح الصينى، رغم أدبهم الجم مع السياح من جميع الجنسيات، ولاحظت أيضا أدب السائح الصينى وبساطته، ولكننى لاحظت أيضا تعمد السائح الصينى الإنفاق ببذخ، وعلى مرأى ومسمع من الجميع، ربما كإعلان غير مقصود بأن الصين هى القوة العظمى الجديدة فى العالم الآن على الأقل على الصعيد الاقتصادى، تذكرت ما حكاه لى أحد أصدقائى مؤخرا بأنه لاحظ أثناء زياته للندن أن المحال التجارية الكبرى تولى اهتماما خاصا بالسائح الصينى، لدرجة تخصيص أماكن خاصة لدفع الفواتير للسائح الصينى فقط، دونا عن أى سائح آخر أو حتى المواطنين المحليين، دفعنى الفضول إلى عمل دراسة بسيطة عن السياح الصينيين، واكتشفت أرقاما مذهلة يا ليت حكومتنا تنتبه إليها قبل زيارة الرئيس السيسى للصين، للترويج بطريقة مدروسة للسياحة المصرية فى الصين، وفوجئت أنه فى عام 2014 صدَّرت الصين للعالم 100 مليون سائح. وأصبحت أكثر دولة فى العالم يسافر مواطنوها للخارج بغرض السياحة الترفيهية، ومن المتوقع أن يصل العدد فى سنة 2015 إلى 135 مليون سائح، وأن يتضاعف إلى أكثر من 200 مليون سائح بحلول عام 2020. السائح الصينى سائح كريم وينفق بسخاء ومهووس بالتسوق، وتتراوح الأرقام التقديرية الرسمية للأموال التى أنفقها السياح الصينيون خارج الصين سنة 2014 ما بين 225 مليار دولار و510 مليارات دولار، ومتوسط إنفاق السائح الصينى الواحد (وليس الأسرة) على التسوق فقط حوالى 10800 دولار فى كل زيارة خارج الصين، وهى أرقام مذهلة ومرعبة، لذا نجد أن دولا بحكومات واعية مثل الهند، وقبلها اليابان، تخطب ود السائح الصينى، وتوفر له جميع السبل للحصول على الفيزا وللسياحة والتسوق بسهولة شديدة، بل بلغ الفضول مثلا بإحدى الصحف اليابانية أنها حصرت إجمالى ما أنفقه السياح الصينيون فى عطلة نهاية أسبوع واحدة فقط فى إبريل 2015، وتبين أنهم أنفقوا ما يربو على المليار دولار (فى دولة واحدة فقط فى 3 أيام فقط!!!!)، وربما يجب على حكومتنا أن تستعد جيدا للزيارة القادمة، وأن تدرس ماذا يمكن أن تقدم من برامج وخدمات للجانب الصينى على الصعيد السياحى، (لأننا بالفعل نتمتع بإمكانات سياحية هائلة)، وعلى الصعيد التسوقى (الحرف التقليدية التى تشهد ازدهاراً الآن على يد رئيس الوزراء)، ورغم سوء حالة مطار القاهرة (الصالة القديمة) وتدهور العامل البشرى، (ربما بسبب انعدام التدريب على ثقافة معاملة السائح)، وعدم اكتمال المنظومة الأمنية (الإرهاب- سيطرة البلطجية على الأماكن السياحية مثل الأهرامات)، لكننى، ورغم كل ما سبق، واثق أننا على الطريق الصحيح، لأن هناك مناطق أثرية كاملة مثل مرسى علم والغردقة وشرم الشيخ آمنة تماما، ولأننا بالفعل نملك إمكانات سياحية جيدة، وما أحزننى أثناء زيارتى الأخيرة للخارج أننى شاهدت بأم عينى السياح من مختلف الجنسيات مبهورين بشواطئ المحيط الهندى المتواضعة والرمال السوداء الخشنة المؤلمة، (التى قد تحتاج للعلاج الطبيعى إذا وطئتها قدماك دون حذاء)، والتى لا يمكن أن تقارن بأى حال من الأحوال بشواطئ الساحل الشمالى أو البحر الأحمر فى مصر، وتذكرت منذ عدة سنوات عندما زارنا بعض الأصدقاء من الولايات المتحدة الأمريكية، وفوجئت بأحدهم يطلب طلبا غريبا قبل رحيله، وهو زجاجة مياه معدنية فارغة، ولما أعطيتها له فوجئت به يخبئها داخل ملابسه ويهرول متسللا للشاطئ، متعمدا ألا يراه أحد، ويملأ الزجاجة بالرمال البيضاء الناعمة من شاطئ البحر، حتى يشاهدها أصدقاؤه عند عودته للولايات المتحدة، وقد حاولت زوجتى وقتها الاعتراض بشدة على أساس أن تلك الرمال ملكية عامة للشعب المصرى لا يحق له الاستيلاء عليها، لكنها اقتنعت فى النهاية بحجتى أن حبيبات الرمال الناعمة تلك قد تسهم، ولو بقدر بسيط، فى إنعاش السياحة المصرية المعتلة».