حزب الوفد وُلد علمانياً لا يخلط الدين بالسياسة على يد سعد زغلول والنحاس، وانتهى إخوانياً يستغل الدين فى السياسة على يد د. سيد البدوى! فقد وضع البدوى يده فى يد الاخوان وباع مبادئ الوفد العلمانية من أجل تحالفات مع عصابة الإخوان، ظن أنها ستوصله إلى منصب رئيس الجمهورية، ولا يبرر موقفه إطلاقاً ما قاله للإعلامى أحمد موسى من أنه كان مخدوعاً، فالمثقف الحق والسياسى الحصيف هو كزرقاء اليمامة يقرأ المستقبل ويستفيد من دروس الماضى، وأظنه قرأ جيداً تاريخ الإخوان، وحفظ عن ظهر قلب تاريخ اغتيال الخازندار والنقراشى... إلخ، وإذا كان لم يقرأ تاريخ هذا التنظيم الإجرامى فأظن أنه قد قرأ تاريخ رمز الوفد العظيم مصطفى النحاس، هذا الرجل الأسطورة الذى كان شديد التدين لا يزايد أحد على تمسكه بعقيدته فى نفس الوقت الذى كان فيه شديد التمسك بالشكل العلمانى للدولة، وفصل الدين عن السياسة، وعدم السماح بتدخل رجال الدين فى شؤون الحكم، واحترام أبجديات المواطنة، أرجو منه فقط قراءة ما كتبه إبراهيم فرج وعبدالمحسن حمودة ورفعت السعيد عن هذا الرجل العظيم، هل يعرف البدوى بما قاله النحاس للزعيم الهندى نهرو الذى أصر على زيارته بالرغم من رفض رجال الثورة آنذاك، قال له النحاس نقلاً عن ابنه الروحى ابراهيم فرج: «الآن نشأت الجمهورية التى أرجو الله أن يوفق رجال الجيش فى أن تكون جمهورية مدنية علمانية، وأنا أعرف أنك صديقهم، فأرجوك أن تقول لهم: الضمان لما يريدون من إصلاح هو أن تكون الجمهورية علمانية ديمقراطية»؟ ألم يحفظ البدوى مقولة النحاس وطلبه من رجال السياسة «ألا تقحموا اسم الله جل جلاله فى السياسة». قالها النحاس تنزيهاً للخالق عز وجل، ولأنه يخاف على قدسية الدين أن تختلط بتقلبات وكذب وألاعيب السياسة. أرجو من البدوى سؤال البابا عما فعل النحاس حين أحرقت المخابرات الإنجليزية كنيسة السويس من خلال عملائها، الذين وضع ثقته فيهم وقت الانتخابات، سيعرف حين يسأله أن النحاس قد عرض أن تقوم حكومة الوفد ببنائها من جديد! أرجوه أن يحفظ صم دلالة حادثة إعلان مسابقة وزارة الداخلية التى طلبت فيها 17 موظفاً وتأجلت نتيجتها لفوز 12 قبطياً فغضب وثار زعيم الأمة لأنه فهم السبب العنصرى خلف هذا التأجيل، ووقع فوراً بتسلمهم الوظيفة! هل تعرف ما فعله النحاس جيداً يا دكتور سيد عندما جاء الدور على لواء قبطى لتسليم راية المحمل طبقاً لقاعدة التسلم من أقدم لواء، ورفض المسؤولون وقتها تكليفه بهذه المهمة تفادياً للحرج، وأصر النحاس قائلاً: لا فرق بين مسيحى ومسلم! النحاس الذى تصدى لفاشية زعيم مصر الفتاة أحمد حسين عندما حاول أن يلعب بالدين أو يتوسل به لتحقيق أهداف سياسية، حيث قال له قولته المأثورة «إن وضع الله فى برنامج سياسى هو شعوذة»، وعندما حاول الملك فاروق بمساندة الشيخ المراغى شيخ الأزهر وجماعة الإخوان المسلمين أن يتحول إلى الملك الصالح المؤيد من الله، وخرج الإخوان يهتفون «الله مع الملك»، فى مقابل هتاف المصريين «الأمة مع النحاس»، وقرر فاروق أن يقيم حفلاً دينياً بمناسبة توليه مهامه الدستورية 1937 وقف زعيم الأمة المتدين مصطفى باشا النحاس خطيباً أمام مجلس النواب وقال: «ذلك إقحام للدين فيما ليس من شؤونه، وإيجاد سلطة دينية بجانب السلطة المدنية». «الإسلام لا يعرف سلطة روحية وليس بعد الرسل وساطة بين الله وبين عباده.. وليس أحرص منى ولا من الحكومة التى أتشرف برئاستها على احترام الإسلام وتنزيه الإسلام». «إن احتفال الملك بمباشرة سلطاته الدستورية مجال وطنى يجب أن يتبارى فيه سائر المصريين مسلمين وغير مسلمين». كنت قد استبشرت خيراً منك يا دكتور سيد بعد معركة انتخابات الوفد النظيفة وشكرته عليها، الوفد يا دكتور سيد أكبر من أن يبيع مبادئه العلمانية فى سوق نخاسة الإخوان.