علاج العقم أو بالأصح تأخر الإنجاب يقفز قفزات علمية هائلة، والمستقبل يحتفظ لنا بمفاجآت مذهلة كنا نظنها تنتمى إلى عالم الخيال العلمى ستصير حقيقة وواقعاً ملموساً، عندما يعلن فريق سويدى عن ولادة أول طفل من أم زرعت رحماً لا بد أن نندهش ونفرك أعيننا ذهولاً غير مصدقين!! فقد ظلت زراعة الرحم حلماً صعب المنال بل ظنه الأطباء مستحيلاً رغم أن الجراحين نجحوا فى زراعة الكبد والكلى والقلب... إلخ، أجريت التجارب على المئات وظل الفشل يلاحق العلماء، الآن تسع نساء فقط هن اللاتى اجتزن اختبار زراعة الرحم بنجاح، يد العلم الحانية طبطبت على أولئك النساء اللاتى وُلدن بلا رحم ونسبتهم واحدة من كل خمسة آلاف فى أمريكا، أو فقدت رحمها فى خطأ جراحى أو نزيف اضطر الجرّاح معه لإزالة الرحم لإنقاذ حياتها... إلخ، وإذا كان الرحم مشكلة فإن المبيض هو مشكلة المشاكل، إنه ليس مجرد مخزن كالرحم ولكنه مرتبط بالساعة البيولوجية ويستنفد مخزونه بمرور الزمن، وإذا تعرضت المرأة وهى شابة فى مقتبل العمر إلى سرطان تحتاج معه إلى علاج كيميائى سيدمر المبيضين بالطبع ومعهما المخزون الاحتياطى الاستراتيجى كله، فماذا سيكون تصرف العلم حيال هذه المشكلة المعقدة الكارثية؟ الحل هو تجميد المبيض أو نسيج من المبيض، حتى الآن 30 حالة حمل تمت بهذه الطريقة العلمية التى تُعتبر ثورة فى عالم علاج العقم، خطوة ثورية أخرى يقدمها العلم فى مجال علاج العقم وهى تجميد البويضة الذى ظل إجراء شبه مستحيل فى عالم الطب رغم نجاح العلماء فى تجميد ناتج تلقيح الحيوان المنوى مع البويضة، والذى يتم بشكل روتينى الآن فى كل مراكز علاج العقم المحترمة، الصعوبة كانت فى أن البويضة معظمها ماء وعندما تتجمد تتعرض للتشقق وتخريب وتدمير كودها الجينى، لكن تم التغلب على هذه الصعوبة بما يُعرف بالـvitrification، ومنذ 2012 أُعلن أن تجميد البويضة صار إجراء واقعياً وليس شيئاً تجريبياً، وقد تمت ولادة 2000 طفل بصحة جيدة كانوا نتاجاً لبويضات مجمدة، سيصير بنك البويضات فى المستقبل القريب منافساً لبنوك سويسرا!! المفاجأة كانت فى أن شركتى «أبل» و«فيس بوك» وافقتا على إدخال تجميد البويضات من ضمن تأمينهم أو خدماتهم الصحية رغم أن الدورة الواحدة تتكلف 10000دولار والأجر السنوى للتجميد 500 دولار!! والآن يفكر العلماء فى فكرة أكثر جنوناً أو ثورية وهى كيف يزيدون مخزون البويضات الثابت فى المرأة أو يعيدون إنتاجها بعد نفادها مثلما يحدث للحيوانات المنوية فى الرجل!! أما الأكثر إثارة للذهول فهو وعد العلماء بأنهم، وفى خلال عشر سنوات، ومن خلال تجارب حقيقية تحدث الآن فى المعامل، سيطورون خلايا الجلد وفى أنابيب الاختبار إلى ما يسمى الـcells primordial وهى الخلايا المنتجة للحيوان المنوى والبويضة، لحل مشكلة الزوج الذى لا يملك حيوانات منوية أو الزوجة التى رصيدها صفر من البويضات!! معجزات العلم لا تنتهى وأحلامه بلا سقف، المهم أن نطرح السؤال بجسارة وأن نطرح عن عقولنا خوف السؤال ورعب الحلم.