التنوير سيظل خافتاً مبحوح الصوت مشلول الحركة مغلول اليد طالما اعتمد فى توصيل أفكاره على الكتب والصالونات والمقالات فقط، نحن مجتمع شفاهى سماعى كسول لا يقرأ، لذلك لا بد من الاعتماد على ثقافة الصورة واستغلال الفضائيات ومواقع التواصل الاجتماعى، للأسف الاعتماد على رجال الأعمال المصريين والرهان عليهم فى تبنى فضائية تنويرية تنتشل العقل المصرى من يد الظلاميين هو رهان خاسر، هم مقتنعون بأن برامج الدجل والجن والعفاريت وصداع التوك شو واللت والعجن هى التى تجلب الإعلانات وبتاكل مع الناس على حسب لغتهم لكن التنوير ووجع الدماغ ده بيخسرنا!! رجل الأعمال منهم مستعد لعمل حفلة غنائية تكلفتها بالملايين لمجرد أن الرئيس سيحضرها أو يتبرع بحملة إعلانية فى نيويورك على الأوتوبيسات أيضاً لنفس السبب. شىء جميل وجهد مشكور، لكن عندما يطالب الرئيس بثورة دينية وفكرية هنا يعمل رجال الأعمال أذناً من طين والأخرى من عجين! على الجانب الآخر فلندرس اهتمام داعش على سبيل المثال بالإعلام لنعرف أنهم سبقونا بمراحل وكانوا أكثر إدراكاً منا لأهمية الصورة والإعلام فى التأثير على المشاهد العربى، يعنى ببساطة واختصار أكبر تنظيم متخلف فكرياً يشتغل بأكثر الأدوات عصرية وحداثة!! هناك دراسة مهمة نشرها موقع العربية للباحث صبرة القاسمى عن داعش والإعلام أعرض عليكم بعض أرقامها المفزعة المرعبة ذات الدلالة الخطيرة: تنظيم داعش يملك سبع أذرع إعلامية يبث من خلالها العنف والإرهاب حول العالم وهى «أجناد، الفرقان، الاعتصام، الحياة، مكاتب الولايات، إذاعة البيان، مجلة وموقع دابق و90 ألف صفحة على مواقع التواصل الاجتماعى. داعش رصد من ميزانيته 3 مليارات دولار لتمويل القنوات السبع، والإذاعات والمواقع الإلكترونية والمجلات التى تروج لفكر التنظيم فى جميع دول العالم بأكثر من 12 لغة، التنظيم تمكن من تكوين ثروة هائلة، بسبب سيطرته على معظم آبار النفط بالعراق، واستيلائه على 480 مليون دولار من بنك الموصل بعد اقتحامه، بخلاف 250 كيلو ذهباً من البنك ذاته. التنظيم رصد نحو مليون دولار لدعم استوديو أجناد، رصد أيضاً نحو 200 مليون دولار لتمويل «قناة الفرقان» التى تُعد الذراع الإعلامية الثانية للتنظيم. قناة «الاعتصام» خصص لها التنظيم 500 مليون دولار، ولديها العديد من المراسلين داخل العراق وسوريا، ومهمتهم نقل جميع المعارك التى تدور داخل الدولتين بالصوت والصورة، كى يتم بثها عبر هذه القناة. الذراع الإعلامية الرابعة هى قناة «الحياة» التى رصد لها التنظيم ميزانية تزيد على 500 مليون دولار، وهى مخصصة لإجراء الحوارات التليفزيونية مع قيادات التنظيم مثل البغدادى ومحمد العدنانى، كما أنها النافذة الإعلامية المعنية بعمل مونتاج للفيديوهات الإجرامية للتنظيم. مكاتب الولايات التى تُعد الذراع الإعلامية الخامسة لـ«داعش» رصد لها التنظيم نحو 200 مليون دولار، وهى عبارة عن قنوات موجهة للولايات التى سيطر عليها التنظيم داخل العراق والشام. أما الذراع الإعلامية السادسة من أذرع «داعش» فهى إذاعة «البيان» التى يتم بثها فى الموصل والأنبار والرقة وعلى الإنترنت، وخصص لها التنظيم 100 مليون دولار. الذراع السابعة والأخيرة هى «دابق» التى تصدر كمجلة أسبوعية وكموقع إلكترونى يومى، ورصد لها التنظيم 500 مليون دولار، مشيرة إلى أن قادة داعش أطلقوا عليها هذا الاسم لأنهم يزعمون أن هناك أحاديث نبوية تشير إلى اندلاع حرب بين المسلمين والكفار فى دابق بالعراق، وسينزل عيسى عليه السلام بعدها فى دابق ليقتل الخنزير ويتوعد الغرب. 90 ألف صفحة يشرف عليها مناصرون للتنظيم من مختلف الدول، ومتطوعون تم تجنيدهم من أعضاء التنظيم المركزى فى سوريا والعراق، بعد إقناعهم بأن ما يفعله «داعش» مشروع عالمى لنصرة الإسلام وتأسيس دولة الخلافة. أوضحت الدراسة أن كل شخص من هؤلاء المتطوعين يجلس أمام جهاز الكمبيوتر حوالى 12 ساعة، تكون مهمته خلالها نشر البيانات التى يكتبها قادة التنظيم، بالإضافة إلى متابعة كل ما يُكتب عن التنظيم فى المواقع والصحف المختلفة حول العالم، والرد على أى حملات هجومية تنال من التنظيم، إضافة إلى تحليل ردود الأفعال المصاحبة لنشر فيديوهات التنظيم الإجرامية. التنوير والتقدم والعقلانية يغزلون برجل معزة، أما التخلف والتكفير والجهل فيغزلون بالكمبيوتر والساتالايت والفيس بوك، يعنى برجل ديناصور!!