رغم أننى أعمل بالإعلام وأعرف وأقدر قيمته فإننى غير مستريح لتضخيم دوره والمنتظر والمتوقع منه، خاصة من جانب السلطة السياسية، بداية من رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء، وانتهاء بالوزراء، الإعلام يرصد ويلتقط الصورة، وليس عليه تجميل الصورة أو صناعة المشهد وبناء الكادر، هو لا يبنى ولا يشيد ولا يصلح اقتصاداً أو يعالج مرضى.. إلخ، لذلك فالانبطاح الحكومى أمام الإعلام وتخيل وتوهم سقف طموحات أن الإعلام هو الذى سيبنى مصر هو محض خيال، والتعامل مع أفراده بانبهار وكأن أصحاب السلطة محدثو استوديوهات أو قرويون بهرتهم أضواء مدينة الإنتاج، الرئيس يراهن على الإعلام ويترحم على إعلام «عبدالناصر». و«محلب» يغازل الإعلاميين ويحل مشكلاتهم مع قنواتهم، ويلعب دور حمامة السلام، والوزراء مقموصون ويهددون بالاستقالة ويتهمون الإعلام بأنه هو السبب فى فشل وزاراتهم، يا سيادة الرئيس، الإعلام لم يبنِ السد العالى أيام «ناصر»، ولكن الشعب والناس وعرق العمال وسهر الليالى وحماس المصريين وعنادهم هو الذى بنى السد، أقصى ما فعله الإعلام مجرد أغنيتين وفيلم وبعض البرامج والأفلام الوثائقية، إنه قد حشد وأشاد ولكنه لم يشيّد، يا باشمهندس محلب، ليست مهمتك إصلاح راسين إعلاميين فى الحلال، ولكن مهمتك أن تخطط لمستقبل مصر، ويا وزراء مصر ليس هذا وقت القمص والعيش فى وسواس الريموت، الوقت وقت الجد والجهد والكد والعمل، يا حكومة ليس دور الجرائد القومية تنظيم مؤتمرات إنقاذ اقتصاد مصر، يا جماعة انتم مراهنين أكتر من اللازم على الإعلام فى إنقاذ مصر، الإعلام مجرد أداة وليس كل الأدوات، الإعلام مجرد كاشف، مجرد دليل، عامل مساعد، لكن الأساس هو الناس، هو الشعب، لذلك فالتعليم أهم من الإعلام، المذيع أقصى ما يفعله أن يمسك أذنيك فى رغى لمدة ساعتين، لكن المعلم يفترس الطفل ست ساعات منفرداً به يحشو دماغه بأفكار متخلفة ومتطرفة، إنه يصنع إرهابياً على مهل، هاند ميد، يصبه على مقاسه الفكرى الرجعى، ينسج أفكاره بماكينة تخلفه فيجعله مشروع إرهابى بامتياز، المذيع من الممكن أن تتجنب تأثيره بمجرد ضغطة على زر الريموت فتنتقل إلى من يعدل لك الكفة ويعادل الأفكار المسمومة على قناة أخرى وعليك أن تختار، أما المدرس فلا يوجد له ريموت فهو مفروض عليك من الوزارة والناظر والمفتش والموجه بمنهج ثابت يقتل أى تفكير نقدى أو إبداعى. يا عالم يا هوه، التعليم أهم ألف مرة من الإعلام، فنرجوكم رتبوا أولوياتكم.