إذا قرأنا بعض كتب الفقه سنفهم سبب القهر الجنسى للمرأة، ونتأكد من أنه امتداد لقهرها الإنسانى العام الذى أفرزته قيم المجتمع الصحراوى البدوى القديم الكاره للمرأة والذى يعتبرها من ضمن المتاع والعبيد، على عكس النظرة الإسلامية الكلية التى تُعلى من شأنها وكيانها والتى تشوهت وتضاءلت نتيجة أكوام التراب والكالسيوم التى ترسبت عليها فأخفتها عن العيون، وبقراءة سريعة لأحد هذه الكتب الذى كان مقرراً على الثانوية الأزهرية، أى على دعاة وشيوخ المستقبل، وهو «الروض المربع بشرح زاد المستنقع»، سنعرف جواب السؤال الخالد عن سر كراهية المرأة وقهرها الجنسى، لنقرأ معاً: «الزوج لا يلزمه كفن امرأته ولا يلزمه دواء أو أجرة طبيب إذا مرضت»، «لا يزيد ضربها على عشرة أسواط»، «دية المرأة نصف دية الرجل»، «يلزم الرجل الوطء إن قدر عليه كل ثلث سنة مرة»، ويعرف كتاب الفقه على المذاهب الأربعة الزواج على أنه «عقد على مجرد التلذذ بآدمية»، ولاحظ هنا كلمة التلذذ، ولذلك فالنفقة لا تجب إلا فى نظير الاستمتاع والزوجة المريضة على سبيل المثال لا تصلح للاستمتاع، ولذلك كما قلنا ثمن الدواء ليس واجباً على زوجها!! أظن أننا بعد هذا الكلام عرفنا السر فى تحامل الفقهاء على المرأة وتحليل الاغتصاب الزوجى لها فهو حق للزوج فى نظرهم. هذه الفتاوى والتخريجات الفقهية وغيرها هى التى أغضبت الشيخ الغزالى وجعلته يهاجم هؤلاء ويقول فى كتابه «هموم داعية»: «هناك نفر من المتكلمين باسم الإسلام يرون المرأة فى الجامع قذى فى عيونهم، ويضعون العوائق من عند أنفسهم لا من عند الله كيلا يكون للنساء وجود فى ميادين الأمر والنهى والنصح للعامة والخاصة»، ووصل الغزالى أقصى غضبه حين قرأ فتوى لأحد المشايخ تقول إن المرأة لا يجوز أن ترى أحداً أو يراها أحد، فوصفها بأنها فتوى مخبول لا يعرف الإسلام بل هو وأمثاله قرة عين لأعداء الإسلام! وأنا لا أعرف كيف تستقيم هذه الأحاديث مع أوامر أخرى للرسول (صلى الله عليه وسلم) يظهر منها فهمه المرن لمشاعر المرأة وأحاسيسها، وكيف أنه أمر الرجل بألا يقع على امرأته كما البهيمة بدون مقدمات أو ملاطفات، مما جعل أبوحامد الغزالى يقتبس من سنته ويقول فى إحياء علوم الدين: «إذا قضى الرجل وطره فليتمهل على أهله حتى تقضى هى أيضاً نهمتها»، أى إن الإسلام أوصى بالحفاظ على الإيقاع والهارمونى الجنسى الذى لن يتحقق على الإطلاق بأن نرهب المرأة ونجبرها على أن تباشر الجماع وهى مجبرة لإرضاء زوجها فقط حتى ولو على ظهر جمل وإلا باتت ملعونة. أعتقد أن الاغتصاب الزوجى لا يرضى عنه الإسلام تحت أى مسمى أو مبرر، فالجنس حوار ولا ينفع أن يكون أحد الطرفين ثرثاراً والطرف الآخر أخرس.