أن يتحول موظف إلى رقيب بدرجة مخبر أو بصّاص فهذه مصيبة، وأن يتحول من ينتمى إلى وزارة الثقافة إلى مكفراتى فهذه كارثة. ما كتبه الرقيب عن مسرحية «دنيا حبيبتى» فى تقريره هو بيان تكفيرى صريح بقلم مشروع داعشى صغير لديه حساسية من نقد الإخوان، اتهم فيه المؤلف أيمن الحكيم والمخرج جلال الشرقاوى وكل أبطال العمل بالكفر، قال فى تقريره العجيب إنهم يمسون العقائد، والسبب الحقيقى إسقاطاتهم الكوميدية على الإخوان التى اعتبر كبير البصاصين المكفراتى أنها هجوم على الدين باعتبار الإخوان هم الإسلام وهم الفرقة الناجية وغيرهم لا ينتمى إلى دين الإسلام لأنهم لم يتشرفوا بتقبيل حذاء المرشد من قبل! أما الكارثة الثانية فكانت فى بيان حزب النور الذى كتبه محمد سعد الأزهرى والذى كان، وياللعجب، ممثل حزب النور فى لجنة إعداد الدستور، لقد واصل حملة التكفير الظلامية وعزف على نفس ربابة الرقيب كبير البصاصين. العمل الفنى يوصف فقط بأنه إما جيد وإما ردىء فنياً لكنه لا يوصف بأنه فن شرعى أو فن غير شرعى!! البيان الذى أصدره صُنّاع العمل كان جامعاً مانعاً، أقتبس منه ما يلى: «فى (دنيا حبيبتى) أردنا أن نكشف المتاجرين باسم الإسلام، ولم نختلق ولم نفتئت عليهم، بل كنا حريصين على تقديم أفكارهم الشاذة من تزويج البنات فى سن الطفولة، إلى تحريم الفنون، إلى تغطية التماثيل بالشمع باعتبارها أصناماً.. وهى أمور حقيقية، أعلنتها تلك الجماعات المتأسلمة، وما زال (اليوتيوب) محملاً وشاهداً على عشرات من تلك الفتاوى الشاذة، التى أجمع المصريون على رفضها ومقاومتها، لأنها تسىء إلى الإسلام، وتنفّر الناس منه، ونظن أن حزب النور لديه معلومات وإحصاءات وافرة عن عدد الذين اتجهوا للإلحاد فى الفترة المشئومة التى حكم فيها الإخوان مصر، وقدموا خلالها أسوأ نموذج للإسلام طوال تاريخه! وإذا كان حزب النور حريصاً لهذه الدرجة على صورة الإسلام، وينصّب نفسه وكيلاً عنه، والمتحدث الرسمى باسمه، فقد كنا نتمنى أن يتصدى للمحسوبين عليه، المنتمين له، الذين أثاروا فزع الناس بفتاواهم العجيبة الغريبة، التى لا تتفق مع صحيح الدين، ولا حتى مع النخوة الإنسانية، من قبيل أن يهرب الزوج ويترك زوجته فريسة لمن يريد اغتصابها.. كنا نود أن ينتفض حزب النور للدفاع عن دين الله ضد من يشوهه ويسىء إليه، بدلاً من توجيه سهامه إلى عمل فنى كل جريمته أنه يفضح هؤلاء المتاجرين بالدين.. إلا إذا كان حزب النور يعتبر أن الإخوان والسلفيين هم الإسلام، وما عداهم يخرج من الملة ولا يحق له الانتماء إليها.. وهنا على حزب النور أن يعلن ذلك بشكل واضح وصريح.. مثلما امتلك الجرأة على الدفاع عن تنظيم داعش الإرهابى، خوارج العصر، الذين أساءوا للإسلام فى العالم كله، وستبقى إساءتهم لا تُنسى إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها. نحن صُنّاع العمل المسرحى (دنيا حبيبتى) فخورون بما قدمنا، ونحسبه عند الله من صالح الأعمال.. ولو كره حزب النور! بالمناسبة: كيف تسكت الدولة على وجود حزب دينى رغم أن المادة 74 من الدستور تمنع قيام الأحزاب على أساس دينى طائفى؟ نظن أن المعركة المؤجلة بين الدولة المدنية والدولة الظلامية قد بدأت.. وربما يكون (تكفير) مسرحيتنا (دنيا حبيبتى) هى الطلقة الأولى!».