لم يتعرض تاريخ فى الدنيا إلى تزييف، ولم تتعرض ذاكرة فى العالم إلى تجريف مثلما حدث للتاريخ وللذاكرة المصرية، لذلك جاءت المبادرة الشعبية للدفاع عن تاريخ مصر لتعيد ترتيب الذاكرة المصرية، وتوثيق تاريخ هذا الوطن، وقد أرسل منسق هذه المبادرة، الأستاذ أحمد كمالى، هذه الرسالة يقول فيها: مجموعة من أنبل الشخصيات فى مصر قررت أن تتصدى لتشويه تاريخنا سواء فى مسلسل أو فى منهج دراسى أو فى مواقع إلكترونية، وذلك فى إطار رغبة أكيدة للدفاع عن المواطن البسيط الذى فقد القدرة الثقافية على التفرقة بين الحقيقة والزيف. التحرك للدفاع عن تاريخ مصر جاء بإطلاق مبادرة شعبية من عشاق ومحبى تاريخ مصر، التى جاء فيها: (إنه قد ظهرت معاول الهدم لتراثنا بصورة تبدو ممنهجة وليست عفوية. ويشهد على ذلك التعدى على كنوز الإذاعة والتليفزيون المصرى، وسرقة أرشيفات الصحف، واستهداف دار المحفوظات ودار الكتب، مروراً بتضارب فى مناهج التعليم، والادعاء بتقديم أفلام تاريخية، وهى مليئة بالأخطاء فى الأحداث والوقائع التاريخية، وأمام هذه الهجمة الشرسة بات التخبط والحيرة أمام حقائق التاريخ حالة عامة تشمل الجميع؛ النخبة وبسطاء المصريين. ولم تعد جهود وزارة الثقافة بمفردها تكفى للدفاع عن تاريخ مصر. وأصبح من الواجب تكاتف الجميع للدفاع عن تاريخنا ومستقبل أولادنا فى بلد يعد التاريخ إحدى الركائز الأساسية لحياة شعبه، ومصدراً للدخل القومى، ومقياساً للتقدم، لذا فكرنا أن نطلق مبادرة شعبية تجمع كل المهتمين والمهمومين بتاريخ مصر، من المثقفين والإعلاميين، والصحفيين، والقانونيين، وأصحاب الخبرات والمسئولين السابقين والحاليين، والشباب الذى ما زال يتطلع لمعرفة صحيحة لتاريخ الوطن). ولعل أهم ما يلفت النظر فى هذه المبادرة الشعبية، هى الأدوات التى قرر أصحاب المبادرة والقائمون عليها استخدامها للحفاظ والدفاع عن تاريخ مصر، وهى أدوات وفعاليات تتميز بالواقعية الشديدة، والتواصل المباشر مع الشارع المصرى، التواصل مع المواطن البسيط، الذى يُسلب ويزور تاريخه دون أن يشعر، فى جريمة مكتملة الأركان. فمن أهم المقترحات التى تتبناها المبادرة الشعبية للدفاع عن تاريخ مصر على سبيل المثال، إقامة معارض تاريخية مصورة للتعريف بتاريخ مصر الصحيح، فى الجامعات ومراكز الشباب، كما تهدف هذه المعارض أيضاً لتصحيح الأخطاء التاريخية المتكررة، لا سيما فى المطبوعات والمواقع التاريخية الرسمية، ومن فعاليات المبادرة أيضاً التواصل مع السادة المحافظين والوزراء المعنيين، ورؤساء الهيئات لإطلاق حملة للتعريف بالشخصيات العامة والتاريخية التى تطلق أسماؤها على الشوارع، وعلى المدارس، وغيرها من المنشآت. فمن غير المنطقى مثلاً أن يكون سكان شارع شهير يحمل اسم الكاتب والمفكر عباس محمود العقاد لا يعرفون من هو العقاد، رغم أنه أحد رموز المعرفة فى تاريخنا، أو أن يظل طلاب يدرسون فى مدرسة تحمل مثلاً اسم أستاذ الجيل أحمد لطفى السيد دون أى دراية بفضل هذا الرجل على التعليم. وتحرص المبادرة الشعبية للدفاع عن تاريخ مصر على التأكيد على أهمية إعداد كوادر تستطيع تقديم خدمات تاريخية رفيعة المستوى تساعد فى التصدى لمحاولات تزوير التاريخ الفجة والمتكررة، وإصدار تقرير فصلى عن التجاوزات التاريخية التى يتم رصدها فى وسائل الإعلام، والمطبوعات، والمسلسلات التاريخية وغيرها. المبادرة الشعبية للدفاع عن تاريخ مصر، تحرك شعبى، مصرى أصيل، للدفاع عن تاريخ مصر، يبتعد عن غرف المثقفين المغلقة، تعلن أن الدفاع عن تاريخنا مكانه الشارع بين الناس، وبوسائل بسيطة جداً، تحتاج من المسئولين فقط إلى الإنصات والتشجيع.